وهكذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل أبناء المشركين، لا بل أخبر أنهم مولودون على الفطرة المؤمنة، وحكمهم كذلك إلى أن يكبروا، فيختاروا الكفر الذي عليه آباؤهم.
وممن يمنع قتله؛ الرهبان لأنهم لا يشتركون في القتال، وقد أوصى الخليفة أبو بكر قائد جيش المسلمين إلى بلاد الشام بقوله: (إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله، فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له). (1)
وهكذا فالإسلام بريء من الإرهاب، وكذلك المسلمون الذين التزموا خلال تاريخهم الجهادي بضوابط الإسلام، ولم يكونوا كغيرهم من المحاربين المفسدين في الأرض، وبين أيدينا شهادات عديدة منصفة تؤكد هذا وتجليه:
يقول المؤرخ الشهير ول ديورانت: "إن المسلمين - كما يلوح - كانوا رجالاً أكمل من المسيحيين، فقد كانوا أحفظ منهم للعهد، وأكثر منهم رحمة بالمغلوبين، وقلّما ارتكبوا في تاريخهم من الوحشية ما ارتكبه المسيحيون عندما استولوا على بيت المقدس في عام 1099م". (2)
وأما غوستاف لوبون فيقول: "فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب ولا ديناً سمحاً مثل دينهم ". (3)
ويتحدث عن صور من معاملة المسلمين لغير المسلمين فيقول: "وكان عرب أسبانيا -خلا تسامحهم العظيم -يتصفون بالفروسية المثالية، فيرحمون الضعفاء ويرفقون بالمغلوبين، ويقفون عند شروطهم وما إلى ذلك من الخلال التي اقتبستها الأمم النصرانية بأوربا منهم مؤخراً". (4)
(1) أخرجه مالك في الموطأ ح (982).
(2) انظر: قالوا عن الإسلام (245).
(3) انظر: حضارة العرب، غوستاف لوبون (720).
(4) حضارة العرب، غوستاف لوبون (344).