اسم الکتاب : عودة المجد وهم أم حقيقة المؤلف : مجدي الهلالي الجزء : 1 صفحة : 11
مشكلتنا إيمانية
سألت نفسي: وما الذي يمنعنا عن فعل ما يرضي الله خاصة أن الجميع يعلم بأنه مستهدف، وأن الحرب على الإسلام قد اشتعلت، والنار قد أمسكت بأطراف ثيابنا، ومع ذلك فنحن نتصرف وكأن شيئًا لم يكن.
متى ننتبه ونستيقظ؟
ألا توجد وسيلة ننتبه من خلالها ونعود إلى الله ونفعل ما يرضيه قبل وقوع الكوارث القادمة ودخولنا في دائرة الطوفان والذل والعذاب المهين؟
حب الدنيا:
بحثت في القرآن عن الأسباب التي يمكنها أن تقعد الناس، وتمنعهم عن فعل ما يرضي الله عز وجل، وتجعلهم في حالة من الغفلة والتيه، فوجدتها في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 38، 39].
فالآيات تُشخص سبب عدم فعل الناس ما يرضي الله ألا وهو الرضا بالدنيا وحبها والتعلق بها، ومن لم يتخلص من ذلك فالعذاب ينتظره. وهذا هو الحادث معنا، وواقعنا خير شاهد على ذلك.
وما يؤكد هذا التشخيص قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد, سلط الله عليكم ذلا، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» [1].
لقد طبقنا كل ما في هذا الحديث: رضينا بالزرع وتاقت أنفسنا لتملك الأراضي والضياع والعقار، وتبايعنا بالدّين والسلف لشراء مستلزمات الحياة العصرية المرفهة, حلم الثراء يسيطر علينا، ويقيدنا ببنود تحقيقه, تركنا الجهاد والتضحية في سبيل الله .. فماذا كانت النتيجة؟
عاقبنا الله عز وجل كما يشير الحديث بالذل، وعلى يد من؟ على يد إخوان القردة والخنازير أجبن شعوب الأرض وأذلها عند الله.
إذن فحب الدنيا والتعلق بها هو الذي يمنعنا من القيام بما يريده الله عز وجل. حب الدنيا وإيثار شهواتها هو الذي يجعلنا نسهر أمام التلفاز نشاهد الأفلام والمباريات ونترك صلاة الفجر. حب الدنيا وطلب المنزلة عند الناس هو الذي يجعل الفتاة تخرج بهذا الوضع السافر الذي نراه، وإن غطت شعرها بغطاء رقيق فإن باقي ملابسها تظل بعيدة عما يرضي الله عز وجل. حب الدنيا وطلب العلو فيها هو الذي يجعلنا نعتد برأينا، ونتناحر فيما بيننا ونختلف ونتباغض ونتحاسد ونتدابر. حب الدنيا هو القيد الذي يقيد قلوبنا، ويجذبنا نحو الأرض، ويمنعنا من فعل ما يرضي الله كلما هممنا بذلك.
عددنا كبير ولكن!!
لقد أكد لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة، ففي يوم من الأيام، وبينما كان صلى الله عليه وسلم يتحدث مع الصحابة إذ قال لهم: «يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها».
فانزعج الصحابة انزعاجًا شديدًا من هذا الوضع المخيف، فسأل أحدهم عن سبب ذلك، وهل هو من قلة العدد.؟! فأجاب صلى الله عليه وسلم: «بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل».
فاشتد الأمر غموضا, فما هو السبب إذن؟!
هنا يستطرد صلى الله عليه وسلم في الكلام شارحًا وموضحًا وضع الأمة آنذاك: «ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن» فيسأل أحد الحاضرين: وما الوهن؟!
يجيب صلى الله عليه وسلم: «حب الدنيا وكراهية الموت» [2]. [1] صحيح الجامع الصغير (423). [2] السلسلة الصحيحة (958).
اسم الکتاب : عودة المجد وهم أم حقيقة المؤلف : مجدي الهلالي الجزء : 1 صفحة : 11