أولاً: وَسَطية الإسلام
في اللغة الوسط للشيء: ما بين طرفَيْه. وجُعلَ الوسط وصفاً للمتصف بالفضائل، فصار معناه الخيِّر الفاضل. ومن شأن هذا أن يكون عدلاً في قضائه وشهادته، يقال رجل وسط وأمة وسط، والأوسط يأتي في معنى الأقرب إلى الاعتدال والقصد، والأبعد عن الغلوّ في الجودة والرداءة ونحوهما [1] .
والوسط: في الأصل هو اسم للمكان الذي يستوي إليه المساحة من الجوانب في المدوَّر، ومن الطرفين في المطوَّل، كمركز الدائرة، ولسان الميزان من العمود، ثم استعير للخصال المحمودة لوقوعها بين طرفَيْ إفراط وتفريط: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [2] : يعني متباعدين عن طرفي الإفراط في كل الأمور والتفريط، ثم أطلق على المتصف بها مستوياً فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث كسائر الأسماء التي وصف بها [3] .
وفي القاموس، الوسط: كل موضع صلح فيه (بين) فهو بالتسكين، وإلاَّ فهو بالتحريك، ولا يقع إلا ظرفاً.
وتقوم وسطية الإسلام على قواعد من القرآن والحديث النبوي. يقول اللَّه تعالى في محكم التنزيل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، والمعنى في هذا السياق القرآني ينصرف إلى أمور ثلاثة: [1] معجم ألفاظ القرآن الكريم، الجزء 6، ص: 248، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، نشر الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة 1996م. [2] البقرة، الآية 143. [3] كتاب الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية لأبي البقاء الكفَوي (ت: 1094 هـ) ، تحقيق د. عدنان درويش ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1992م.