اسم الکتاب : إحسان سلوك العبد المملوك إلى ملك الملوك المؤلف : عبد الكريم الحميد الجزء : 1 صفحة : 138
ولا بد من العلم هنا بأن محبته سبحانه ومحبة ما يحبه لا تحصل إلا ببغض ما يبغضه، ولما كان بغض ما يبغضه من الأعمال والأشخاص في زماننا يخالف الهوى ثَقُل على النفوس وثقل من يعمل ولو بقليل منه لأن الصدق متخلف والفتن مشتركة أيضاً، ومهما كانت الحال فملّة إبراهيم ليست تنظر بعين واحدة ولا تمشي بساق واحدة أيضاً؛ فالحب والبغض إذاً متلازمان، وهما أوثق عُرى الإيمان.
ومما يزيد المحبة وينميها تهذيب القصد وتصفيته وتجريده بأن يكون قصده وعبوديته –كما قال ابن القيم- محبة لله بلا عِلّة؛ وأن لايحب الله لما يعطيه ويحميه منه فتكون محبته لله محبة الوسائل، ومحبته بالقصد الأول لما يناله من الثواب المخلوق فهو المحبوب له بالذات بحيث إذا حصل له محبوبه [يعني الثواب المخلوق] تسلّى به عن محبة من أعطاه إياه، فإن من أحبك لأمر والاك عند حصوله ومَلْكَ عند انقضائه.
والمحب الصادق يخاف أن تكون محبته لغرض من الأغراض فتنقضي محبته عند انقضاء ذلك الغرض، وإنما مراده أن محبته تدوم لا تنقضي أبداً، وأن لا يجعل محبوبه وسيلة له إلى غيره، بل يجعل ما سواه وسيلة له إلى محبوبه.
اسم الکتاب : إحسان سلوك العبد المملوك إلى ملك الملوك المؤلف : عبد الكريم الحميد الجزء : 1 صفحة : 138