اسم الکتاب : الأذكار - ت مستو المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 437
إنسان بصدقة فينبغي للآخذ منه أن يَنظر، فإن كان الدافعُ ممّن يُحِبّ الشكر عليها ونشرها فينبغي للآخذ أن يخفيَها لأن قضاء حقه أن لا ينصره على الظلم وطلبه الشكر ظلم، وإن علم من حاله أنه لا يُحِبّ الشكر ولا يقصده فينبغي أن يشكرَه ويظهر صدقته. وقال سفيان الثوري رحمه الله: مَن عرف نفسه لم يضرّه مدح الناس. قال أبو حامد الغزالي بعد أن ذكر ما سبق في أول الباب: فدقائق هذه المعاني ينبغي أن يلحظها من يُراعي قلبَه، فإن أعمالَ الجوارح مع إهمال هذه الدقائق ضحكة للشيطان وشماتة له، لكثرة التعب وقلة النفع، ومثل هذا العلم هو الذي يقال فيه: إن تعلم مسألة منه أفضل مِنْ عبادة سنة، إذ بهذا العلم تحيا عبادة العمر، وبالجهال به تموت عبادة العمر، وبالجهل به تموت عبادة العمر كله وتتعطل، وبالله التوفيق.
223 ـ بابُ مدح الإِنسان نفسه وذكر محاسنه
قال الله تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أنْفُسَكُمْ} [النجم:32] اعلم أن ذكرَ محاسن نفسه ضربان: مذموم، ومحبوب، فالمذمومُ أن يذكرَه للافتخار وإظهار الارتفاع والتميّز على الأقران وشبه ذلك؛ والمحبوبُ أن يكونَ فيه مصلحة دينية، وذلك بأن يكون آمرًا بمعروف أو ناهيًا عن منكر أو ناصحًا أو مشيرًا بمصلحة أو معلمًا أو مؤدبًا أو واعظًا أو مذكِّرًا أو مُصلحًا بين اثنين أو يَدفعُ عن نفسه شرًّا أو نحو ذلك، فيذكر محاسنَه ناويًا بذلك أن يكون هذا أقربَ إلى قَبول قوله واعتماد ما يذكُره، أو أن هذا الكلام الذي أقوله لا تجدونه عند غيري فاحتفظوا به أو نحو ذلك، وقد جاء في هذا لهذا المعنى ما لا يحصى من النصوص كقول النبيّ صلى الله عليه وسلم "أنا النَّبِي لا كَذِبْ" "أنا سَيِّدُ وَلَد آدَم" "أنا أوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأرْضُ":أنا أعْلَمُكُمْ باللَّهِ وأتْقاكُمْ" "إني أبِيتُ عنْدَ ربي" وأشباهه كثيرة، وقال يوسف صلى الله عليه وسلم: " {اجْعَلْني على خَزَائِنِ الأرْضِ
اسم الکتاب : الأذكار - ت مستو المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 437