اسم الکتاب : الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام المؤلف : المقدم، محمد إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 340
اصطلاحات أهله؛ ما يتمُ له به النظر في الكتب، وذلك يحصل بالطريق الأول، ومن مشافهة العلماء، أو مما هو راجع إليه، وهو معنى قولِ مَنْ قال: " كان العلم في صدور الرجال، ثم انتقل إلى الكتب، ومفاتحه بأيدي الرجال "، والكتب وحدها لا تفيد الطالب منها شيئًا، دون فتح العلماء، وهو مشاهد معتاد.
والشرط الآخر: أن يتحرى كتبَ المتقدمين من أهل العلم المراد؛ فإنهم أقعد به من غيرهم من المتأخرين، وأصل ذلك التجربةُ والخَبَر.
أما التجربة [1] فهو أمرٌ مشاهدٌ في أي علم كان، فالمتأخر لا يبلغ من الرسوخ في علمٍ ما يبلغه المتقدم، وحسبك من ذلك أهل كل علم عملي أو نظري؛ فأعمال المتقدمين -في إصلاح دنياهم ودينهم- على خلاف أعمال المتأخرين، وعلومهم في التحقيق أقعد، فتحقّقُ الصحابة بعلوم الشريعة ليس كتحقق التابعين، والتابعون ليسوا كتابعيهم، وهكذا إلى الآن، ومن طالع سِيَرهم، وأقوالهم، وحكاياتِهم؛ أبصر العجب في هذا المعنى.
وأما الخبر؛ ففي الحديث: " خيرُ القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " [2]، وفي هذا إشارةٌ إلى أن كل قرنٍ مع ما بعده كذلك، ورُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أوَّل دينكم نبوة ورحمة، ثم مُلك ورحمة، ثم ذلك [1] قال حقق " الموافقات " الشيخ مشهور حسن سلمان: خاطب الشاطبي بعض مستفتيه؛ فقال في " فتاويه " (120 - 122): " ... ما ذكرتُ لكم من عدم اعتمادي على التآليف المتأخرة؛ فلم يكن ذلك مني -بحمد الله- محض رأيي، ولكن اعتمدتُ بسبب الخبرة عند النظر في كتب المتقدمين مع كتب المتأخرين، وأعني بالمتأخرين كابن بشير وابن شاس وابن الحاجب ومن بعدهم، ولأن بعض من لقيته من العلماء بالفقه أوصاني بالتحامي عن كتب المتأخرين، وأتى بعبارة خشنةٍ في السمع، لكنها محض النصيحة ". [2] رواه البخاري رقم (3651)، ومسلم رقم (2533)، بلفظ: " خير الناس قرني ".
اسم الکتاب : الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام المؤلف : المقدم، محمد إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 340