اسم الکتاب : الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام المؤلف : المقدم، محمد إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 268
بيان انقسام الجدال إلى محمود ومذموم
قال الإمام الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى: ( .. نظرنا في كتاب الله تعالى، وإذا فيه ما يدل على الجدال والحجاج، فمنِ ذلك: قوله تبارك وتعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، فأمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية بالجدال، وعلَّمه منها جميع آدابه من الرفق، والبيان، والتزام الحق، والرجوع إلى ما أوجبته الحجة، وقال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} [البقرة: 258]، الآية.
وكتابُ الله تعالى لا يتعارض ولا يختلف، فتضمن الكتاب ذم الجدال والأمر به، فعلمنا علمًا يقينًا أن الذي ذمَّه غير الذي أمر به، وأن من الجدال ما هو محمود مأمور به، ومنه ما هو مذموم منهي عنه [1] , فطلبنا البيان لكل واحد من الأمرين، فوجدناه تعالى قد قال: {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [الكهف: 56]، وقال: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: 35]، فبين الله تعالى في هاتين الآيتين الجدال المذموم، وأعلَمَنا أنه الجدال بغير حجة، والجدال في الباطل.
فالجدال المذموم وجهان:
أحدهما: الجدال بغير علم. [1] كالجدال في القرآن الكريم، وفي الله سبحانه وتعالى، وفي القدر.
اسم الکتاب : الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام المؤلف : المقدم، محمد إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 268