اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 58
وهو يعالج هذه النفس في وضوح وفصاحة فلا يكتم عنها شيئا من المخاوف ولا يداري عنها شيئا من الأخطار - بما في ذلك خطر الموت - ولكنه يسكب فيها الطمأنينة بحقائق أخرى وبضمانة اللّه سبحانه وتعالى ..
فهو أولا يحدد الهجرة بأنها «في سبيل اللّه» .. وهذه هي الهجرة المعتبرة في الإسلام. فليست هجرة للثراء، أو هجرة للنجاة من المتاعب، أو هجرة للذائذ والشهوات، أو هجرة لأي عرض من أعراض الحياة. ومن يهاجر هذه الهجرة - في سبيل اللّه - يجد في الأرض فسحة ومنطلقا فلا تضيق به الأرض، ولا يعدم الحيلة والوسيلة. للنجاة وللرزق والحياة:
«وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً» ..
وإنما هو ضعف النفس وحرصها وشحها يخيل إليها أن وسائل الحياة والرزق، مرهونة بأرض، ومقيدة بظروف، ومرتبطة بملابسات لو فارقتها لم تجد للحياة سبيلا.
وهذا التصور الكاذب لحقيقة أسباب الرزق وأسباب الحياة والنجاة هو الذي يجعل النفوس تقبل الذل والضيم، وتسكت على الفتنة في الدين ثم تتعرض لذلك المصير البائس. مصير الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. واللّه يقرر الحقيقة الموعودة لمن يهاجر في سبيل اللّه .. إنه سيجد في أرض اللّه منطلقا وسيجد فيها سعة. وسيجد اللّه في كل مكان يذهب إليه، يحييه ويرزقه وينجيه ..
ولكن الأجل قد يوافي في أثناء الرحلة والهجرة في سبيل اللّه .. والموت - كما تقدم في سياق السورة - لا علاقة له بالأسباب الظاهرة إنما هو حتم محتوم عند ما يحين الأجل المرسوم. وسواء أقام أم هاجر، فإن الأجل لا يستقدم ولا يستأخر.
غير أن النفس البشرية لها تصوراتها ولها تأثراتها بالملابسات الظاهرة ... والمنهج يراعي هذا ويعالجه. فيعطي ضمانة اللّه بوقوع الأجر على اللّه منذ الخطوة الأولى من البيت في الهجرة إلى اللّه ورسوله: «وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ - ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ - فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» ..
اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 58