responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 380
المبحثُ الرابع والأربعون
النهي عن شق الجيوب ولطم الخدود والدعاء بدعوى الجاهلية
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» أخرجه البخاري (1)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: قَوْله: (لَيْسَ مِنَّا) أَيْ مِنْ أَهْل سُنِّتَتَا وَطَرِيقَتنَا، وَلَيْسَ الْمُرَاد بِهِ إِخْرَاجه عَنْ الدِّين، وَلَكِنْ فَائِدَة إِيرَاده بِهَذَا اللَّفْظ الْمُبَالَغَة فِي الرَّدْع عَنْ الْوُقُوع فِي مِثْل ذَلِكَ كَمَا يَقُول الرَّجُل لِوَلَدِهِ عِنْد مُعَاتَبَته: لَسْت مِنْك وَلَسْت مِنِّي، أَيْ مَا أَنْتَ عَلَى طَرِيقَتِي. وَقَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير مَا مُلَخَّصه: التَّأْوِيل الْأَوَّل يَسْتَلْزِم أَنْ يَكُون الْخَبَر إِنَّمَا وَرَدَ عَنْ أَمْر وُجُودِيّ، وَهَذَا يُصَان كَلَام الشَّارِع عَنْ الْحَمْل عَلَيْهِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَال: الْمُرَاد أَنَّ الْوَاقِع فِي ذَلِكَ يَكُون قَدْ تَعَرَّضَ لِأَنْ يُهْجَر وَيُعْرَض عَنْهُ فَلَا يَخْتَلِط بِجَمَاعَةِ السُّنَّة تَأْدِيبًا لَهُ عَلَى اِسْتِصْحَابه حَاله الْجَاهِلِيَّة الَّتِي قَبَّحَهَا الْإِسْلَام، فَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْحَمْل عَلَى مَا لَا يُسْتَفَاد مِنْهُ قَدْر زَائِد عَلَى الْفِعْل الْمَوْجُود. وَحُكِيَ عَنْ سُفْيَان أَنَّهُ كَانَ يَكْرَه الْخَوْض فِي تَأْوِيله وَيَقُول: يَنْبَغِي أَنْ يُمْسَك عَنْ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَوْقَع فِي النُّفُوس وَأَبْلَغ فِي الزَّجْر. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَيْسَ عَلَى دِيننَا الْكَامِل، أَيْ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ فَرْع مِنْ فُرُوع الدِّين وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَصْله، حَكَاهُ اِبْن الْعَرَبِيّ. وَيَظْهَر لِي أَنَّ هَذَا النَّفْي يُفَسِّرهُ التَّبَرِّي الْآتِي فِي حَدِيث أَبِي مُوسَى بَعْد بَاب حَيْثُ قَالَ " بَرِئَ مِنْهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - " وَأَصْل الْبَرَاءَة الِانْفِصَال مِنْ الشَّيْء، وَكَأَنَّهُ تَوَعَّدَهُ بِأَنْ لَا يُدْخِلهُ فِي شَفَاعَته مَثَلًا. وَقَالَ الْمُهَلَّب: قَوْله أَنَا بَرِيء أَيْ مِنْ فَاعِل مَا ذُكِرَ وَقْت ذَلِكَ الْفِعْل، وَلَمْ يُرِدْ نَفْيَهُ عَنْ الْإِسْلَام. قُلْت: بَيْنهمَا وَاسِطَة تُعْرَف مِمَّا تَقَدَّمَ أَوَّل الْكَلَام، وَهَذَا يَدُلّ عَلَى تَحْرِيم مَا ذُكِرَ مِنْ شَقّ الْجَيْب وَغَيْره. وَكَأَنَّ السَّبَب فِي ذَلِكَ مَا تَضْمَنَّهُ ذَلِكَ مِنْ عَدَم الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، فَإِنْ وَقَعَ التَّصْرِيح بِالِاسْتِحْلَالِ مَعَ الْعِلْم بِالتَّحْرِيمِ أَوْ التَّسَخُّط مَثَلًا بِمَا وَقَعَ فَلَا مَانِع مِنْ حَمْل النَّفْي عَلَى الْإِخْرَاج مِنْ الدِّين.

(1) - برقم (1294 و 1297 و 1298 و 3519) ومسلم (103) والترمذي (1015) وابن ماجة (1651)
اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 380
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست