اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 31
«وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ» .. وهؤلاء قد قطعوا كل ما بينهم وبين التوبة من وشيجة، وضيعوا كل ما بينهم وبين المغفرة من فرصة ..
«أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً».أعتدناه: أي أعددناه وهيأناه .. فهو حاضر في الانتظار لا يحتاج إلى إعداد أو إحضار!
وهكذا يشتد المنهج الرباني في العقوبة، ولكنه في الوقت ذاته يفتح الباب على مصراعيه للتوبة. فيتم التوازن في هذا المنهج الرباني الفريد، وينشئ آثاره في الحياة كما لا يملك منهج آخر أن يفعل في القديم والجديد .. " (1)
" والمراد بالجهالة هنا ما يركب الإنسان من حمق، وطيش، ونزق .. وهو فى مواجهة المنكر، وليس المراد بالجهالة عدم العلم بالمنكر الذي يرتكبه .. فهذا معفوّ عنه، ومحسوب من باب الخطأ.
والمراد بالتوبة من قريب، أن يرجع المذنب إلى نفسه باللائمة والندم، وأن ينكر عليها هذا المنكر الذي وقع فيه، وألا يستمرئه، فإذا وقف الإنسان من نفسه هذا الموقف كانت له إلى اللّه رجعة من قريب .. فإن مثل هذا الشعور يزعج الإنسان عن هذا المورد الوبيل الذي يرده، ويلوى زمامه عنه .. إن لم يكن اليوم فغدا أو بعد غد .. وهذا ما حمده اللّه سبحانه وتعالى لأصحاب تلك النفوس التي يقلقها الإثم، ويزعجها المنكر إذا هى ألمّت بمنكر، أو واقعت ذنبا، فكان من حمده سبحانه لتلك النفس وتكريمه لها أن أقسم بها، فقال سبحانه: «لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ» ([1] ـ 2: القيامة) ..
وقال سبحانه: «وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً، أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» (135: آل عمران) فالعلم هنا مقابل للجهالة فى قوله تعالى: «يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ»، أي أنهم لم يصرّوا على ما فعلوا من منكر وهم يعلمون أن هذا المنكر يجنى عليهم ويحبط أعمالهم، وإنما هم مغطّى على بصرهم، لما لبسهم حال غشيانهم المنكر من خفّة وطيش، فلما استبان لهم وجه المنكر، وعرفوا عاقبة أمرهم معه، أنكروه، وبرئوا إلى اللّه منه. [1] - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (1/ 603)
اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 31