responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 113
وَيَحْتَمِل عَلَى بُعْدٍ أَنْ يَكُونَ فِي قَوْله " لِقَاءَ اللَّهِ " حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ لِقَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ وَنَحْو ذَلِكَ وَوَجْهُ الْبُعْدِ فِيهِ الْإِتْيَانُ بِمُقَابِلِهِ لِأَنَّ أَحَدًا مِنْ الْعُقَلَاءِ لَا يَكْرَهُ لِقَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ بَلْ كُلُّ مَنْ يَكْرَهُ الْمَوْتَ إِنَّمَا يَكْرَهُهُ خَشْيَةَ أَنْ لَا يَلْقَى ثَوَابَ اللَّهِ إِمَّا لِإِبْطَائِهِ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ بِالشُّغْلِ بِالتَّبَعَاتِ وَإِمَّا لِعَدَمِ دُخُولهَا أَصْلًا كَالْكَافِرِ. وَفِيهِ أَنَّ الْمُحْتَضِرَ إِذَا ظَهَرَتْ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ السُّرُورِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ بُشِّرَ بِالْخَيْرِ وَكَذَا بِالْعَكْسِ. وَفِيهِ أَنَّ مَحَبَّةَ لِقَاءِ اللَّهِ لَا تَدْخُلُ فِي النَّهْيِ عَنْ تَمَنِّي الْمَوْت لِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ مَعَ عَدَم تَمَنِّي الْمَوْت كَأَنْ تَكُون الْمَحَبَّةُ حَاصِلَةً لَا يَفْتَرِقُ حَالُهُ فِيهَا بِحُصُولِ الْمَوْتِ وَلَا بِتَأَخُّرِهِ وَأَنَّ النَّهْي عَنْ تَمَنِّي الْمَوْت مَحْمُول عَلَى حَالَة الْحَيَاة الْمُسْتَمِرَّة وَأَمَّا عِنْد الِاحْتِضَار وَالْمُعَايَنَة فَلَا تَدْخُل تَحْت النَّهْي بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّة. وَفِيهِ أَنَّ فِي كَرَاهَة الْمَوْت فِي حَال الصِّحَّة تَفْصِيلًا فَمَنْ كَرِهَهُ إِيثَارًا لِلْحَيَاةِ عَلَى مَا بَعْد الْمَوْت مِنْ نَعِيمِ الْآخِرَةِ كَانَ مَذْمُومًا وَمَنْ كَرِهَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْضِيَ إِلَى الْمُؤَاخَذَةِ كَأَنْ يَكُونَ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ لَمْ يَسْتَعِدَّ لَهُ بِالْأُهْبَةِ بِأَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ التَّبِعَاتِ وَيَقُومَ بِأَمْرِ اللَّهِ كَمَا يَجِبُ فَهُوَ مَعْذُورٌ لَكِنْ يَنْبَغِي لِمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى أَخْذِ الْأُهْبَةِ حَتَّى إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ لَا يَكْرَهُهُ بَلْ يُحِبُّهُ لِمَا يَرْجُو بَعْدَهُ مِنْ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِيهِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَا يَرَاهُ فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ مِنْ الْأَحْيَاء وَإِنَّمَا يَقَع ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ بَعْد الْمَوْتِ أَخْذًا مِنْ قَوْله " وَالْمَوْتُ دُونَ لِقَاءِ اللَّهِ " وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ اللِّقَاء أَعَمُّ مِنْ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا اِنْتَفَى اللِّقَاءُ اِنْتَفَتْ الرُّؤْيَةُ وَقَدْ وَرَدَ بِأَصْرَحَ مِنْ هَذَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمِ مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَفِيهِ " وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا ". (1)
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ «أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِى لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا». فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَقُلَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ لأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِى ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى وَاجْعَلْنِى مَعَ الرَّفِيقِ الأَعْلَى». قَالَتْ فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى. (2)

(1) -فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 348)
(2) - صحيح مسلم (5836)
اسم الکتاب : الاستعداد للموت المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست