وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "إذا وقع الناس في الفتنة، فقالوا: اخرج، لك بالناس أسوة، فقل: لا أسوة لي بالشر" [1].
ومن مظاهر التطبيق العملي لمبدأ كف اليد عن المشاركة في الفتن واعتزالها:
أن مروانَ بن الحكم لما دعا أيمن بن خريم إلى الخروج في قتال فتنة أجابه: إن أبي وعمي شهدا بدرًا، وإنهما عَهِدا إليَّ ألَّا أقاتل أحدًا يقول: "لا إله إلَّا الله"، فإن أنت جئتني ببراءة من النار؛ قاتلتُ معك! ثم يقول:
ولستُ بقاتلٍ رجلًا يصلي ... على سلطانِ آخرَ من قريشِ
له سلطانُه وعليَّ إثمي ... معاذ الله من جهلٍ وطيشِ
أأقتل مسلمًا في غير جُرْمٍ ... فليس بنافعي ما عِشتُ عيشي (2)
وعن عُدَيْسَة بنت أُهْبانَ، قالت: جاء علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إلى أبي، فدعاه إلى الخروج معه، فقال له أبي: "إن خليلي وابنَ عمك عَهِد إليَّ إذا اختلف الناس أن أتخذَ سيفًا من خشب، فقد اتخذتُه! فإن شئتَ خرجتُ به معك" قالت: فتركه [3].
وعن أيوب السختياني، قال: اجتمع سعد بن أبي وقاص، وابن [1] قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": "رواه الطبراني، وفيه خديج بن معاوية: وثقة أحمد وغيره، وضعَّفه جماعة" اهـ. (7/ 298).
(2) تقدم تخريجه ص (48). [3] أخرجه الترمذي رقم (2203) (4/ 490)، وقال: "حسن غريب"، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (2/ 241)، والمراد باتخاذ السيف من الخشب: الامتناع عن القتال، كما في "تحفة الأحوذي" (6/ 446).