وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ستكون فتنٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائم فيها خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، مَن تشرَّفَ لها تستشرِفْه [1]، فمن وَجَدَ ملجأً أو مَعاذًا فليعُذْ به" [2].
وقال حذيفة - رضي الله عنه - "إياكم والفتن، لا يشخصْ إليها أحد، فوالله ما شخص فيها أحد إلَّا نسفته، كما ينسف السيلُ الدِّمَنَ" [3].
وعن أبي بُردة، قَال: دخلت على محمَّد بن سلمة فقال: إِنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إنها ستكون فِتْنَةٌ وَفُرْقَةٌ واختلافٌ، فَإِذَا كَانَ كذلك؛ فَأْتِ بسيفك أُحُدًا فاضربه حَتَّى ينقطعَ، ثُمَّ اجلس في بيتك حَتى تَأْييَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ أَو مَنِيَّة قَاضِيَةٌ". فقد وَقَعَتْ وفعلتُ مَا قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم [4].
وعن أبي ذر - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف أنتَ يا أبا ذرٍّ! وموتًا يصيبُ الناسَ حتى يُقَوَّم البيتُ [1] قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى-: "قوله: (مَن تشرَّف لها) -بفتح المثناة والمعجمة وتشديد الراء -أي: تطلَّع لها؛ بأن يتصدى ويتعرض لها ولا يعرض عنها ... قوله: (تستشرفه) أي: تهلكه بأن يشرف منها على الهلاك، يريد من انتصب لها انتصبت له، ومن أعرض عنها أعرضت عنه .. وفيه: التحذيرُ من الفتنة، والحث علي اجتناب الدخول فيها، وأنَّ شرها يكون بحسب التعلق بها" اهـ. من "فتح الباري" (13/ 31). [2] رواه البخاريّ رقم (3406)، ومسلم رقم (2886). [3] الدِّمَن: جمع دِمنة، وهي ما تُدمِّنُه الإبل والغنم بابوالها وأبعارها: أي تُلبِّده في مرابضها، فربما نبت فيها النبات الحسن النضير، وفي الحديث: "فينبتون نباتَ الدِّمن في السيل"، يريد البَعْرَ لسرعة ما ينبت فيه، انظر: "النهايه" (2/ 134). [4] رواه ابن ماجه رقم (3962)، وانظر: "الصحيحة" للألباني رقم (1380).