تحذير النبي صلى الله عليه وسلم أمَّتَه من الفتن
أَوْلَى الشرع الشريف الفتن [1] قدرًا عظيمًا من الاهتمام، وحفلت دواوين السنة بالنصوص التي تحذر منها، وقلَّ أن يخلو ديوان منها من كتابِ أو بابِ الفتن.
قال البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه: "كتاب الفتن، باب ما [1] أصل معنى الفتنة في اللغة يدل على الابتلاء والاختبار كما في "مقاييس اللغة" لابن فارس (4/ 472)، وقد قال الإِمام ابن قيم الجوزية - رحمه الله تعالى-: "وأما الفتنة التي يضيفها الله سبحانه إلى نفسه، أو يضيفها رسولُه إليه؛ كقوله: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} [الأنعام: 53]، وقول موسى - عليه السلام -: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: 155] فتلك بمعنى آخر، وهي بمعنى الامتحان، والاختبار، والابتلاء من الله لعباده بالخير والشر، بالنعم والمصائب، فهذه لون، وفتنة المشركين لون، وفتنة المؤمن في ماله وولده وجاره لون آخر، والفتنة التي يوقعها بين أهل الإِسلام؛ كالفتنة التي أوقعها بين أصحاب علي ومعاوية وبين أهل الجمل، وبين المسلمين، حتى يتقاتلوا ويتهاجروا لون آخر، وهي الفتنة التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي"، وأحاديثُ الفتنة التي أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فيها باعتزال الطائفتين، هي هذه الفتنة". اهـ. من "زاد المعاد" (169، 170)، وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "وُيعرف المراد حيثما وَرَدَ بالسياق والقرائن". اهـ. من "فتح الباري" (11/ 176).