ومن أسباب النجاة من الفتن: التثبت من الأخبار
إن التثبت من الأخبار قبل تصديقها، فضلًا عن إذاعتها، منهج قرآني أصيل، يُستراحُ به من القال والقيل، ويوفر من طاقة الأمة المهدرة في الفتن ما يفيد في البناء.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)} [الحجرات: 6]، وقال -عزَّ وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)} [النساء: 94]
عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن رجلًا من بني سليم مرَّ على نفرٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه غنم له، فسلَّم عليهم، فقالوا: "ما سلَّم عليكم إلاَّ ليتعوذ منكم"، فقاموا إليه، وقتلوه، وأخذوا غنمه، فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الآية (1)
"والفتن إنما تظهر بالإشاعات والبواطيل، وتنتشر بالقال والقيل، مع خفة عقلٍ في نَقَلَتِها، ورِقَّةِ دين، تمنعهم من امتثال أمر الله تعالى بالتثبت وترك الاستعجال.
(1) رواه البخاريّ مختصرًا (4591)، والترمذي (3030)، وحسَّنه، والحاكم (2/ 235)، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.