العَجلَة أمُّ الندامات
قال قتادة بن دعامة -رحمه الله تعالى-: "قد رأينا والله أقوامًا يُسرعون إلى الفتن، وينزعون فيها، وأمسك أقوام عن ذلك هيبةً لله، ومخافة منه، فلما انكشفت، إذا الذين أمسكوا أطيب نفسًا، وأثلج صدورًا، وأخف ظهورًا من الذين أسرعوا إليها، وينزعون فيها، وصارت أعمال أولئك حزازاتٍ على قلوبهم كلما ذكروها، وَايمُ اللهِ! لو أن الناس يعرفون من الفتنة إذا أقبلت كما يعرفون منها إذا أدبرت، لعقل فيها جيل من الناس كثير [1].
وقال محمَّد بن طلحة: رآني زُبيد مع العلاء بن عبد الكريم، ونحن نضحك، فقال: "لو شهدتَ الجماجم [2] ما ضحِكتَ، ولوددتُ أنَّ يدي -أو قال: يميني- قُطِعت من العضُد وأني لم أكن شهدتُ" [3].
وعن إسماعيل بن أبي خالد قال مرة: "شهدت فتح القادسية، في ثلاثة آلاف من قومي؛ فما منهم من أحد: إلا خف في الفتنة غيري، وما منهم أحد: إلا غبطني" [4].
(1) "حلية الأولياء" (2/ 337). [2] انظر خبر فتنة ابن الأشعث، ووقعة "دير الجماجم" في "البداية والنهاية" (9/ 35 - 37)، (9/ 40 - 43)، (12/ 347 - 355)، و"سير أعلام النبلاء" (2/ 43). [3] انظر: "سؤالات أبي عبيد الآجري" رقم (96)، و"المعرفة والتاريخ" (3/ 109)، و"تاريخ مدينة دمشق" (19/ 473).
(4) "حلية الأولياء" (4/ 163).