من طبائع الفتن
هذا، وإن للفتن طبائعَ وخصائصَ يُعين الاستبصار بها على تَوَقِّيها والنجاةِ منها، وما أكثر الفتن التي وقعت بسبب غياب البصيرة بهذه الطبائع.
* فمن طبائع الفتن: أنها تتزين للناس في مباديها، حتى تُغْرِيهم بملابستها والتورط فيها.
قال ابن عيينة عن خَلَف بن حوشب:
كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن: قال امرؤ القيس:
الحرب أول ما تكونُ فَتيّةً ... تَسْعى بزينتها لكلِّ جهُولِ
حتى إذا اشتعلت وشَبَّ ضِرامُها ... ولَّتْ عجوزًا غيرَ ذاتِ حَليلِ
شمطاءَ يُنكَرُ لونُها وتغيَّرت ... مكروهةً للشمِّ والتقبيلِ
وكان خلف يقول: "ينبغي للناس أن يتعلموا هذه الأبيات في الفتنة" [1].
وقال الإِمام ابن حزم [2] -رحمه الله تعالى-: "نُوَّارُ الفتنةِ لا يَعْقِدُ" [3].
(1) "السنن المأثورة للشافعي" ص (344) رقم (423)، "صحيح البخاري" (9/ 68) ط. دار الشعب.
(2) "الأخلاق والسير" ص (84). [3] وهذه الحكمة الرائعة من نتاج فكر ابن حزم الذي عاصر فتنة البربر في الأندلس، ورأى كيف كانت الآمال المعقودة على كل ثائر تنتهي بمآسٍ وأحزان وضحايا ودمار.