responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة السلف بين القول والعمل المؤلف : الطيار، أحمد    الجزء : 1  صفحة : 826
* وقال الحسن البصري رحمه الله لفَرْقَدٍ السَّبَخِيّ: يا أبا يعقوبَ، بلغني أنك لا تأكلُ الفالوذجَ. فقال: يا أبا سعيدٍ، أخافُ ألاّ أؤدِّيَ شكرَهُ. فقال: يا لُكَعُ! وهل تُؤدِّي شكرَ الماءِ البارد في الصّيفِ والحارِّ في الشتاء! أما سمعتَ قولَ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] [عيون الأخبار 3/ 204].
* وقال أيضًا رحمه الله: ما أنعم الله - عزَّ وجلَّ - على عبد نعمة فقال: الحمد لله، إلا كان ما أعطى أكثر مما أخذ.
قال ابن أبي الدنيا رحمه الله: وبلغني عن سفيان بن عيينة رحمه الله أنه سئل عن هذا فقال: هذا خطأ، لا يكون فعل العبد أفضل من فعل الله - عزَّ وجلَّ. [1] [موسوعة ابن أبي الدنيا [1]/ 503].
* وعن ثابت، أن أبا العالية رحمه الله قال: إني لأرجو أن لا يهلك عبدٌ بين نِعمتين: نعمة يحمَدُ الله عليها وذنب يستغفرُ الله منه. [السير (تهذيبه) [1]/ 479].

[1] قال ابن رجب رحمه الله: ولكن الصواب قول من صوَّبه - أي قول الحسن -، فإنَّ المرادَ بالنعم: النعم الدنيوية، كالعافية والرِّزق والصِّحَّة، ودفع المكروه، ونحو ذلك، والحمد هو مِنَ النِّعم الدينية، وكلاهما نعمةٌ مِنَ اللهِ، لكن نعمة الله على عبده بهدايته لشكر نعمه بالحمد عليها أفضل من نعمه الدنيوية على عبده، فإنَّ النعم الدنيوية إنْ لم يقترن بها الشُّكرُ، كانت بليةً كما قال أبو حازم: كلُّ نعمةٍ لا تقرِّبُ مِنَ الله فهي بليَّةٌ، فإذا وفَّقَ الله عبدَه للشكر على نعمه الدنيوية بالحمدِ أو غيره من أنواع الشكر، كانت هذه النعمةُ خيرًا من تلك النعم وأحبَّ إلى الله - عز وجل - منها، فإنَّ الله يُحِبُّ المحامدَ، ويرضى عن عبدِه أنْ يأكلَ الأكلة، فيحمده عليها، ويشرب الشربة، فيحمَده عليها، والثناء بالنِّعم والحمدُ عليها وشكرُها عندَ أهل الجود والكرم أحبُّ إليهم من أموالهم، فهم يبذلُونَها طلبًا للثناء، والله - عز وجل - أكرمُ الأكرمين، وأجودُ الأجودين، فهو يَبذُلُ نِعَمَهُ لعباده، ويطلب منهم الثناءَ بها، وذكرها، والحمد عليها، ويرضى منهم بذلك شكرًا عليها، وإنْ كان ذلك كلُّه من فضله عليهم، وهو غيرُ محتاجٍ إلى شكرهم، لكنَّه يُحِبُّ ذلك من عباده، حيث كان صلاحُ العبدِ وفلاحُه وكماله فيه. ومِن فضله أنَّه نسب الحمدَ والشُّكر إليهم، وإنْ كان من أعظم نِعَمِه عليهم، وهذا كما أنَّه أعطاهم ما أعطاهم من الأموال، ثم استقرض منهم بعضَهُ، ومدحهم بإعطائه، والكلُّ ملكُه، ومِنْ فضله، ولكن كرمه اقتضى ذلك، ومِنْ هُنا يُعلم معنى الأثرِ الذي جاء مرفوعًا وموقوفًا: ((الحمد لله حمدًا يُوافي نعمَه، ويكافئُ مزيده)). جامع العلوم والحكم
اسم الکتاب : حياة السلف بين القول والعمل المؤلف : الطيار، أحمد    الجزء : 1  صفحة : 826
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست