اسم الکتاب : حياة السلف بين القول والعمل المؤلف : الطيار، أحمد الجزء : 1 صفحة : 56
* وعن أيوب السختياني رحمه الله أنه قال: لستَ براد عليهم أشد من السكوت. [الشريعة / 69، 70].
* وعن سلام بن أبي مطيع قال: إن رجلاً من أصحاب الأهواء قال لأيوب السختياني رحمه الله: يا أبا بكر: أسألك عن كلمة، فولى أيوب، وجعل يشير بإصبعه: ولا نصف كلمة. [الشريعة / 66].
* وعن معمر قال: كان طاوس رحمه الله جالساً وعنده ابنه فجاء رجل من المعتزلة فتكلم في شيء فأدخل طاوس أصبعيه في أذنيه وقال: يا بني أدخل أصبعك في أذنيك حتى لا تسمع من قوله شيئا فإن هذا القلب ضعيف، ثم قال: أي بني أسدد، فما زال يقول أسدد حتى قام الآخر. [تلبيس إيليس: 26].
* وعن إسماعيل بن خارجة قال: دخل رجلان على محمد بن سيرين رحمه الله من أهل الأهواء، فقالا: يا أبا بكر، نحدثك بحديث؟ قال: لا، قال: فنقرأ عليك آية من كتاب الله - عزَّ وجلَّ؟ قال: لا: لَتَقُومُنَّ عني أو لأقومَنَّه. [الشريعة / 66، 67].
* وعن مهدي بن ميمون الأزدي قال: سمعت محمد بن سيرين رحمه الله، وما رآه رجل في شيء، فقال له محمد: إني قد أعلم ما تريد، وأعلم بالمماراة منك، ولكني لا أماريك. (1)
[الشريعة / 70].
(1) قال الآجري رحمه الله - بعد أن ذكر جملة من الآثار التي تنهى عن مناظرة أهل البدع والأهواء -:
فإن قال قائل: وإن كان رجل قد علمه الله عز وجل علمًا , فجاءه رجل يسأله عن مسألة في الدين: ينازعه ويخاصمه , ترى له أن يناظره حتى تثبت عليه الحجة , ويرد على قوله؟
قيل له: هذا الذي نهينا عنه , وهو الذي حذرناه من تقدم من أئمة المسلمين.
فإن قال قائل: فماذا نصنع؟.
قيل له: إن كان الذي يسألك مسألته , مسألة مسترشد إلى طريق الحق لا مناظرة , فأرشده بأرشد ما يكون من البيان بالعلم من الكتاب والسنة , وقول الصحابة , وقول أئمة المسلمين. وإن كان يريد مناظرتك ومجادلتك , فهذا الذي كره لك العلماء , فلا تناظره , واحذره على دينك , كما قال من تقدم من أئمة المسلمين إن كنت لهم متبعًا.
فإن قال: ندعهم يتكلمون بالباطل , ونسكت عنهم؟
قيل له: سكوتك عنهم وهجرتك لِما تكلموا به أشد عليهم من مناظرتك لهم , كذا قال من تقدم من السلف الصالح من علماء المسلمين ...
فإن قال قائل: فإن اضطر في الأمر وقتًا من الأوقات إلى مناظرتهم , وإثبات الحجة عليهم ألا يناظرهم؟
قيل: الاضطرار إنما يكون مع إمام له مذهب سوء , فيمتحن الناس , ويدعوهم إلى مذهبه , كفعل من مضى في وقت أحمد بن حنبل رحمه الله: ثلاثة خلفاء امتحنوا الناس , ودعوهم إلى مذهبهم السوء , فلم يجد العلماء بدًا من الذب عن الدين , وأرادوا بذلك معرفة العامة الحق من الباطل , فناظروهم ضرورة لا اختيارًا , فأثبت الله عز وجل الحق مع أحمد بن حنبل , ومن كان على طريقته , وأذل الله العظيم المعتزلة وفضحهم , وعرفت العامة أن الحق ما كان عليه أحمد بن حنبل ومن تابعه إلى يوم القيامة. الشريعة / 69 - 71
وقال الصابوني رحمه الله: ويبغضون - أي أهل الحديث - أهلَ البدع , الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه , ولا يحبونهم , ولا يصحبونهم , ولا يسمعون كلامهم , ولا يجالسونهم , ولا يجادلونهم في الدين ولا يناظرونهم , ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم , التي إذا مرّت بالآذان , وقرّت في القلوب ضرّت , وجرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت , وفيه أنزل الله عز وجل قوله: {وإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: 68]. عقيدة السلف وأصحاب الحديث / 298، 299.
اسم الکتاب : حياة السلف بين القول والعمل المؤلف : الطيار، أحمد الجزء : 1 صفحة : 56