اسم الکتاب : حياة السلف بين القول والعمل المؤلف : الطيار، أحمد الجزء : 1 صفحة : 533
هذا، التوراة والإنجيل والزبور والفرقان؟ قلت: نعم! قال: خف الله تعالى مخافة لا يكون عندك شيء أخوف منه، وأرجه رجاء هو أشد من خوفك إياه، وأحب للناس ما تحب لنفسك. [الحلية (تهذيبه) 2/ 30].
* وعن الحسن البصري رحمه الله قال: الرجاء والخوف مطيتا المؤمن. [الزهد للإمام أحمد / 452].
* وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: الخوفُ أفضل من الرَّجاء ما دام الرجلُ صحيحًا، فإذا نزل به الموت فالرَّجاء أفضل. [السير (تهذيبه) 2/ 777].
* وعن المزني قال: دخلت على الشافعي رحمه الله في علّته التي مات فيها، فقلت: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحتُ من الدّنيا راحلًا، ولإخواني مفارقًا، ولكأس المنيّة شاربًا، ولسوء أعمالي ملاقيًا، وعلى الله تعالى واردًا، فلا أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنّيها، أو إلى النار فأعزيها؟ ثم بكى وأنشأ يقول:
ولمّا قسا قلبي وضاقت مَذاهبي ... جعلتُ الرجا مني لعفْوكَ سلّما
تعاظمَني ذنبي فلما قرنتُه ... بعفْوك ربّي كان عفْوك أعظما
وما زلتَ ذا عَفوٍ عن الذنب لم تَزل ... تجود وتعفو منّة وتكرُّما
[صفة الصفوة 2/ 556].
* وقال السري السقطي رحمه الله: ينبغي للعبد أن يكون أخوف ما يكون من الله، آمن ما يكون من ربه. [الحلية (تهذيبه) 3/ 287].
(د) ما جاء فيمن يُصعق عند الموعظة، وموقف السلف من ذلك ([1]):
* عن حصين بن عبد الرحمن قال: قلت لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: [1] قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والذي عليه جمهور العلماء أن الواحد من هؤلاء إذا كان مغلوبًا عليه لم ينكر عليه، وإن كان حال الثابت أكمل منه؛ ولهذا لما سئل الإمام أحمد عن هذا فقال: قرئ القرآن على يحيى بن سعيد القطان فغشي عليه ولو قدر أحد أن يدفع هذا عن نفسه لدفعه يحيى بن سعيد، فما رأيت أعقل منه، ونحو هذا. وقد نقل عن الشافعي أنه أصابه ذلك، وعلي بن الفضيل بن عياض قصته مشهورة، وبالجملة فهذا كثير ممن لا يستراب في صدقه. ..
فهذا الذي يصعق صعق موت، أو صعق غشي، فإن ذلك إنما يكون لقوة الوارد، وضعف القلب عن حمله، وقد يوجد مثل هذا في من يفرح أو يخاف أو يحزن أو يحب أمورا دنيوية، يقتله ذلك أو يمرضه أو يذهب بعقله. ومن عباد الصور من أمرضه العشق أو قتله أو جننه، وكذلك في غيره، ولا يكون هذا إلا لمن ورد عليه أمر ضعفت نفسه عن دفعه، بمنزلة ما يرد على البدن من الأسباب التي تمرضه أو تقتله، أو كان أحدهم مغلوبًا على ذلك.
فإذا كان لم يصدر منه تفريط ولا عدوان، لم يكن فيه ذنب فيما أصابه، فلا وجه للريبة. كمن سمع القرآن السماع الشرعي، ولم يفرط بترك ما يوجب له ذلك، وكذلك ما يرد على القلوب مما يسمونه السكر والفنا، ونحو ذلك من الأمور التي تغيب العقل بغير اختيار صاحبها؛ فإنه إذا لم يكن السبب محظورا لم يكن السكران مذموما، بل معذورًا ...
ولكن من لم يزل عقله، مع أنه قد حصل له من الإيمان ما حصل لهم أو مثله أو أكمل منه فهو أفضل منهم. وهذه حال الصحابة - رضي الله عنهم - وهو حال نبينا - صلى الله عليه وسلم - فإنه أسرى به إلى السماء وأراه الله ما أراه، وأصبح كبائت لم يتغير عليه حاله، فحاله أفضل من حال موسى - صلى الله عليه وسلم - الذي خر صعقا لما تجلى ربه للجبل وحال موسى حال جليلة علية فاضلة، لكن حال محمد - صلى الله عليه وسلم - أكمل وأعلا وأفضل. مجموع الفتاوى 11/ 8 - 9
قال ابن الجوزي رحمه الله: فإن قال قائل: فما تقول فيمن أدركه الوجد ولم يقدر على دفعه؟ فالجواب: إن أول الوجد انزعاجٌ في الباطن, فإن كف الإنسان نفسه كيلا يطلع على حاله يئس الشيطان منه فبعد عنه, كما كان أيوب السختياني إذا تحدث فرق قلبه مسح أنفه وقال: ما أشد الزكام.
وإن أهمل الإنسان ولم يبال بظهور وجده أو أحب اطلاع الناس على نفسه نفخ فيه الشيطان فانزعج على قدر نفخه. تلبيس إبليس: 291
اسم الکتاب : حياة السلف بين القول والعمل المؤلف : الطيار، أحمد الجزء : 1 صفحة : 533