اسم الکتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 457
وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ». (صحيح رواه أبوداود) وقال النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «مَنْ هَجَرَ أخَاهُ سَنَةً، فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ». (صحيح رواه أبو داود).
«مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ»:أَيْ أَخَاهُ فِي الإسلام (سَنَةً) أي بغير عذر شرعي «فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ»:أَيْ كَإِرَاقَةِ دَمه فِي اِسْتِحْقَاق مَزِيد الْإِثْم لَا فِي قَدْره، أي مهاجرته سنة توجب العقوبة كما أن سفك دمه يوجبها، والمراد اشتراك الهاجر والقاتل في الإثم لا في قدره ولا يلزم التساوي بين المشبه والمشبه به.
• التَّقاطع لأجلِ الدِّين:
في التَّقاطع لأجلِ الدِّين تجوزُ الزِّيادةُ على الثلاثِ، نصَّ عليه الإمام أحمدُ، واستدلَّ بقصَّةِ الثَّلاثةِ الَّذينَ خُلِّفوا، وأمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - بهجرانهم لمَّا خاف منهمُ النِّفاق، وأباح هِجران أهلِ البدع المغلَّظة والدعاة إلى الأهواء، وذكر الخطابي أنَّ هِجران الوالدِ لولده، والزَّوج لزوجته، وما كان في معنى ذلك تأديبًا تجوزُ الزِّيادة فيه على الثَّلاث؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - هجر نساءه شهرًا.
• هل ينقطع الهِجران بالسَّلام؟
واختلف العلماء: هل ينقطع الهِجران بالسَّلام؟ فقالت طائفةٌ: يَنقطِعُ بذلك، فعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «لَا يَكُونُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ مُسْلِمًا فَوْقَ ثَلَاثَةٍ، فَإِذَا لَقِيَهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ كُلُّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَدْ بَاءَ بِإِثْمِهِ» (حسن رواه أبوداود).
ولكن هذا فيما إذا امتنع الآخرُ من الرَّدِّ عليهِ، فأمَّا معَ الرَّدِّ إذا كانَ بينهما قبل الهجرةِ مودَّةٌ، ولم يعودا إليها، ففيه نظر، وقد قال َالإمام أحمد في رواية الأثرم، وسئل عن السَّلام: يقطعُ الهِجران؟ فقال: قد يُسلم عليه وقد صَدَّ عنه، ثم قال: النَّبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: «يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا»، فإذا كان قد عوَّده أنْ يُكلِّمه أو يُصافحه ـ وكذلك رُوي عن مالكٍ ـ أنَّه لا تنقطعُ الهجرة بدونِ العود إلى المودَّة.
وفرَّق بعضُهم بين الأقارب والأجانب، فقال في الأجانب: تزول الهجرةُ بينهم بمجرَّد السَّلام، بخلافِ الأقارب، وإنَّما قال هذا لوجوب صلة الرَّحِمِ.
اسم الکتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 457