اسم الکتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 440
أما الكسب الخبيث فإنه شؤم وبلاء على صاحبه، بسببه يقسو القلب، وينطفئ نور الإيمان، ويحل غضب الجبار، ويمنع إجابة الدعاء.
عَنْ أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنَّ الله طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلاَّ طيِّبًا، وإنَّ اللهَ تَعَالَى أمَرَ المُؤْمِنَينَ بِمَا أمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} (المؤمنون:51)، وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (البقرة:172)، ثُمَّ ذكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ: أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يمُدُّ يدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ: يَا رَبّ يَا رَبّ، وَمَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بالحَرَامِ، فأنَّى يُستَجَابُ لِذلكَ؟» (رواهُ مُسلمٌ).
قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنَّ اللهَ طَيِّبٌ» المعنى: أنَّه تعالى مقدَّسٌ منَزَّه عن النقائص والعيوب كلها، وهذا كما في قوله: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُون} (النور:26)، والمراد: المنزهون من أدناس الفواحش.
وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لا يَقْبَلُ إلاَّ طيِّبًا» قد ورد معناه في قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللهِ إِلَّا الطَّيِّبُ فَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ» (رواه البخاري).الفُلُوّ: الْمُهْرُ.
والمراد أنه تعالى لا يقبل من الصدقات إلا ما كان طيبًا حلالًا.
وقد قيل: إنَّ المراد بقوله: «لا يَقْبَلُ إلاَّ طيِّبًا» أعمُّ مِنْ ذلك، وهو أنَّه لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيبًا طاهرًا من المفسدات كلِّها، كالرياء والعُجب، ولا من الأموال إلا ما كان طيبًا حلالًا، فإنَّ الطيب تُوصَفُ به الأعمالُ والأقوالُ والاعتقاداتُ، فكلُّ هذه تنقسم إلى طيِّبٍ وخبيثٍ. وقد قيل: إنَّه يدخل في قوله تعالى: {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} (المائدة:100) هذا كلُّه.
• الكلام منه طيب وخبيث:
قد قسَّم الله تعالى الكلام إلى طيب وخبيث، فقال: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة} (إبراهيم:24)، {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} (إبراهيم:26)،
اسم الکتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 440