199 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «آيةُ [1] المُنافقِ ثلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعدَ أخْلَفَ [2]، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (3)
وفي رواية [4]: «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أنَّهُ مُسْلِمٌ». [1] أي علامته. [2] أي جعل الوعد خلافًا بأن لا يفي به، لكن لو كان عازمًا على الوفاء فعرض مانع فلا إثم عليه. فيض القدير [1]/ 83.
(3) أخرجه: البخاري [1]/ 15 (33)، ومسلم [1]/ 56 (59) (107) و (109). [4] عند مسلم.
200 - وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قَالَ: حدثنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حدِيثَينِ قَدْ رأيْتُ أحَدَهُمَا وأنا أنتظرُ الآخر: حدثنا أن الأمانة نَزلت في جَذرِ قلوبِ الرجال، ثُمَّ نزل القرآن فعلموا مِنَ القرآن، وعلِموا من السنةِ، ثُمَّ حدّثنا عن رفع الأمانة، فَقَالَ: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبهِ، فَيَظَلُّ أثَرُهَا مِثلَ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّومَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبهِ، فَيَظَلُّ أثَرُهَا مِثلَ أَثَرِ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبرًا وَلَيسَ فِيهِ شَيءٌ». ثُمَّ أخَذَ حَصَاةً فَدَحْرَجَهُ عَلَى رِجْلِهِ «فَيُصْبحُ النَّاسُ يَتَبَايعُونَ، فَلا يَكَادُ أحدٌ يُؤَدّي الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ: إنَّ في بَني فُلان رَجُلًا أمينًا، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أجْلَدَهُ! مَا أَظْرَفَهُ! مَا أعْقَلَهُ! وَمَا في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّة مِن خَرْدَل مِنْ إيمَان». وَلَقدْ أتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أيُّكُمْ بَايَعْتُ: لَئن كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عليَّ دِينهُ، وَإنْ كَانَ نَصْرانِيًّا أَوْ يَهُودِيًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا اليَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايعُ مِنْكُمْ إلاَّ فُلانًا وَفُلانًا [1]». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. [2] -[88]-
قوله: «جَذْرُ» بفتح الجيم وإسكان الذال المعجمة: وَهُوَ أصل الشيء
وَ «الوكت» بالتاء المثناة من فوق: الأثر اليسير. وَ «المَجْلُ» بفتح الميم وإسكان الجيم: وَهُوَ تَنَفُّطٌ في اليدِ ونحوها من أثرِ عمل وغيرِهِ. قوله: «مُنْتَبرًا»: مرتفِعًا. قوله: «ساعِيهِ»: الوالي عَلَيهِ. [1] قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 362 (143): «معنى الحديث أن الأمانة تزول عن القلوب شيئًا فشيئًا، فإذا زال أول جزء منها زال نورها وخلفته ظلمة كالوكت وهو اعتراض ... لون مخالف للون الذي قبله، فإذا زال شيء آخر صار كالمجل وهو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة، وهذه الظلمة فوق التي قبلها، ثم شبه زوال ذلك النور بعد وقوعه في القلب وخروجه بعد استقراره فيه، واعتقاب الظلمة إياه بجمر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها ثم يزول الجمر ويبقى التنفط. والمبايعة هنا البيع والشراء، فإذا كان مسلمًا فدينه وأمانته تمنعه من الخيانة وتحمله على أداء الأمانة، وإن كان كافرًا فساعيه وهو الوالي عليه كان أيضًا يقوم بالأمانة في ولايته فيستخرج حقي منه». [2] أخرجه: البخاري 8/ 129 (6497)، ومسلم 1/ 88 (143) (230).
اسم الکتاب : رياض الصالحين - ت الفحل المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 87