اسم الکتاب : رياض الصالحين - ت الفحل المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 25
28 - وعن أنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ [1] النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جَعلَ يَتَغَشَّاهُ الكَرْبُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها: وَاكَربَ أَبَتَاهُ. فقَالَ: «لَيْسَ عَلَى أَبيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ». فَلَمَّا مَاتَ، قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ! يَا أَبتَاهُ، جَنَّةُ الفِردَوسِ مَأْوَاهُ! يَا أَبَتَاهُ، إِلَى جبْريلَ نَنْعَاهُ! فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ رَضي الله عنها: أَطَابَتْ أنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - التُّرَابَ؟! رواه البخاري. (2) [1] ثقل: من شدة المرض. وفي الحديث: جواز التوجع للميت عند احتضاره، أما قولها بعد أن قبض، فيؤخذ منه أن تلك الألفاظ إذا كان الميت متصفًا بها لا يمنع ذكره بها بعد موته، بخلاف ما إذا كانت فيه ظاهرًا وهو في الباطن بخلاف ذلك أو لا يتحقق اتصافه بها فيدخل المنع. دليل الفالحين [1]/ 180.
(2) أخرجه: البخاري 6/ 18 (4462).
29 - وعن أبي زَيدٍ أُسَامَةَ بنِ زيدِ بنِ حارثةَ مَوْلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وحِبِّه وابنِ حبِّه رضي اللهُ عنهما، قَالَ: أرْسَلَتْ بنْتُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّ ابْني قَد احْتُضِرَ فَاشْهَدنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرىءُ السَّلامَ، ويقُولُ: «إنَّ لله مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أعطَى، وَكُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بِأجَلٍ مُسَمًّى فَلتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». فَأَرسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيهِ لَيَأتِينَّهَا. فقامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابتٍ، وَرجَالٌ - رضي الله عنهم - فَرُفعَ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - الصَّبيُّ، فَأقْعَدَهُ في حِجْرِهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ، فَفَاضَتْ عَينَاهُ فَقالَ سَعدٌ: يَا رسولَ الله، مَا هَذَا؟ فَقالَ: «هذِهِ -[26]- رَحمَةٌ جَعَلَها اللهُ تَعَالَى في قُلُوبِ عِبَادِهِ» وفي رواية: «فِي قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، وَإِنَّما يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)
وَمَعنَى «تَقَعْقَعُ»: تَتَحرَّكُ وتَضْطَربُ. [1] أخرجه: البخاري 2/ 100 (1284)، ومسلم 3/ 39 (923).
وفي الحديث: أن سعدًا ظن أن جميع أنواع البكاء حرام، وأن دمع العين حرام، وظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نسي فذكره، فأعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مجرد البكاء ودمع بعينٍ ليس بحرام ولا مكروه بل هو رحمة وفضيلة، وإنما المحرم النوح والندب والبكاء المقرون بهما أو بأحدهما.
انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 4/ 9 (923) ... وفيه دليل على وجوب الصبر لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «مُرها فلتصبر ولتحتسب» وفيه دليل على أن هذه الصيغة من العزاء أفضل صيغة. وأفضل من قول بعض الناس: «أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك وغفر لميتك» هذه صيغة اختارها بعض العلماء لكن الصيغة التي اختارها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أفضل، لأن المصاب إذا سمعها اقتنع أكثر.
والتعزية في الحقيقة ليست تهنئة كما ظنها بعض العوام! يحتفل بها ويوضع لها الكراسي وتوقد لها الشموع ويحضر لها القراء والأطعمة!! لا. التعزية تسلية وتقوية للمصاب أن يصبر. شرح رياض الصالحين 1/ 91 - 92.
اسم الکتاب : رياض الصالحين - ت الفحل المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 25