اسم الکتاب : شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة المؤلف : الهاشمي، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 198
إنها صفات لا تليق بالمسلم الذي استروح نسمات الإيمان الندية، وخالطت نفسه بشاشة الإسلام السمحة، ومن هنا هو عنها بعيد جد بعيد، وإنه ليزداد عنها بعدا كلما تبدت له الأسوة الحسنة مجسدة في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لم تند عنه كلمة واحدة فى حياته تخدش سمع السامع، أو تجرح شعوره أو تمس كرامته.
يقول أنس رضي الله عنه: ((لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشا، ولا لعانا، ولا سبابا، كان يقول عند المعتبة: ما له؟ ترب جبينه)) [1])) [2].
بل إنه نزه لسانه حتى عن لعنه الكافرين الذين أوصدوا قلوبهم عن دعوته، فلم ينلهم بكلمة نابية جارحة، كما حدث بذلك الصحابي الجليل أبو هريرة، فقال: قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين، قال: ((إني لم أبعث لعانا، ولكن بعثت رحمة)) [3].
ويذكر أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلا شرب الخمر، فأتي به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال للناس: ((اضربوه))، فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه. فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، قال: ((لا تقولوا هذا، لا تعينوا عليه الشيطان)) [4]. فيا للنظرة الإنسانية الرحيمة الحانية على الإنسان، ولو كان من المتخبطين في متاهات الشرود والضلال والعصيان!
ويبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذروة في اجتثاث شأفة الشر والحقد والعدوان من النفوس حين يصور للمسلمين المصير الأسود الخاسر لمن أطلق لسانه في أعراض الناس، فإذا بتلك الشتائم الجوفاء والقذف الأرعن والاعتداءات [1] أي من كثرة السجود. [2] رواه البخاري. [3] رواه مسلم. [4] رواه البخاري.
اسم الکتاب : شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة المؤلف : الهاشمي، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 198