قوله: ((اللَّهم إني أعوذ بك من فتنة النار)) أي الفتنة التي تؤدي إلى دخول النار، ومنها سؤال خزنتها لأهلها، وتوبيخهم كما قال تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} [1]، {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ... } [2].
((وعذاب النار)): أي بالإحراق بعد فتنتها.
قوله: ((وفتنة القبر)): وهو سؤال الملكين في القبر، وجاء في تسميتهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منكر ونكير [3]، وهي فتنة عظيمة، لا يثبت عندها إلا المؤمن، قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّه الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [4]، وصحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها نزلت في عذاب القبر [5].
قوله: ((وعذاب القبر)): عطف العام على الخاص, فعذابه ينشأ منه فتنة بأن يتحير في الجواب، فيعذب لذلك، كما في الكافر، والمنافق، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، وقد يكون لغيرها، كأن [1] سورة الملك، الآية: 8. [2] سورة الزمر، الآية: 71. [3] انظر: مصنف بن أبي شيبة، 3/ 378، مصنف عبد الرزاق، 3/ 582، والبيهقي في شعب الإيمان، 1/ 358، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 3560. [4] سورة إبراهيم، الآية: 27. [5] صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، برقم 1369، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر، والتعوذ منه، برقم 2871.