وهذا النور يا عبد اللَّه على قدر نور أعمالك في الدنيا، فالجزاء من جنس العمل، فقد جاء عن عبد اللَّه بن مسعود - رضي الله عنه - عن قوله تعالى: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}: ((قَالَ: يُؤْتَوْنَ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، يَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ، مِنْهُمْ مَنْ نُورُهُ مِثْلُ الْجَبَلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ نُورُهُ مِثْلُ النَّخْلَةِ، وَأَدْنَاهُمْ نُورًا مَنْ نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِهِ يُطْفَأَ مَرَّةً، وَيُوقَدُ أُخْرَى)) [1]، وهذا الخبر حكمه حكم المرفوع، أي من قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه من أمور الغيب التي لا تعلم إلا بخبر من الشارع.
والعبد يسأل اللَّه - عز وجل - أن يتم نوره، ويسبغه عليه في الدنيا حتى يتم له كمال النور على الصراط يوم القيامة، فقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سأل ربه تبارك وتعالى أن يرزقه نوراً في كل أجزاء جسده الشريف؛ ليكمل له العلم، والمعارف، والهدى، ولنا في رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة [2]: ((اللهُمَ اجعَل فِي قَلبِي نُوراً وفِي سَمعي نُوراً وعَن يَمينِي
نُوراً وعن يَسارِي نُوراً وفَوقِي نُوراً وتَحتِي نُوراً وأَمامِي نُوراً وخَلفِي [1] مصنف ابن أبي شيبة، 13/ 229، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 2/ 478، وتفسير ابن أبي حاتم، 10/ 3336، وتفسير الطبري، 23/ 179، وصححه الألباني في شرح العقيدة الطحاوية، ص 469، وبنحوه في معجم الطبراني الكبير، 9/ 357، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 3591. [2] فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو بها في سجوده، كما في سنن النسائي، كتاب التطبيق، باب الدعاء في السجود، برقم 1121، السنن الكبرى للنسائي، 1/ 237، ومصنف بن أبي شيبة، 10/ 221، والمعجم الكبير للطبراني، 11/ 318، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/ 363.