الْمُدْحَضِينَ} [1]، فألقى بنفسه في البحر، فأرسل اللَّه تعالى من البحر حوتاً عظيماً، فالتقم يونس، وأوحى اللَّه جلَّ شأنه ألاَّ يأكله، بل يبتلعه ليكون بطنه له سجناً [2].
فلما صار - عليه السلام - في بطن الحوت {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ}: ((قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل)) [3]، فاستغاث بربه السميع العليم الذي لا تخفى عليه خافية في السماء والأرض، مهما دقّت وخفت، فأنجاه اللَّه تعالى كما هي سنته مع الموحدين المخلصين الداعين.
ففي القصة من الحِكَمِ والمنافع التي تستدعي ذكرها أن قوله: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}: تضمن هذا الدعاء من كمال التوحيد والعبودية في ثلاثة مطالب عظيمة:
1 - إثبات كمال الألوهية واختصاصها باللَّه - عز وجل -: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ}.
2 - إثبات كمال التنزيه للَّه تعالى عن كل نقصٍ، وعيبٍ، وسوء المتضمن لكماله تعالى من كل الوجوه: {سُبْحَانَكَ}.
3 - الاعتراف بالذنب والخطأ المتضمن لطلب المغفرة، [1] سورة الصافات، الآية 141. [2] انظر: تفسير ابن كثير، 3/ 264. [3] مصنف بن أبي شيبة، 11/ 542، برقم 32527، المستدرك، 2/ 415، برقم 3445، وقال: ((صحيح على شرط الشيخين))، ووافقه الذهبي، وانظر: تفسير ابن كثير، 3/ 264.