responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صور وخواطر المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 35
القبر التائه
نشرت سنة 1940

كم ذا يقاسي العاشقون ويألمون، ولا يدري بهم أحد، ولا يبلغ وَهْمَ إنسان تصوُّرُ ما يعانون!
كم للحب من شهداء عاشوا يائسين وقضوا صامتين، فما حازوا مجداً ولا فخاراً، ولا اشتروا جنة ولا أمنوا ناراً. مساكين، يعيشون في دنيا الناس وليسوا فيها، يرون بغير العيون، فلا يرى الناس ما يرون ولا يبصرون ما يرى الناس، يموت عندهم كل حي ما لم يتصل بالحبيب، ويحيا كل ذي صلة به حتى الجماد. إن فكروا ففي المحبوب، أو تكلموا فَعَنْه، أو اشتاقوا فإليه، أو تألموا فعليه:
فإنْ تكلَّمْتُ لم أنطق بغيرِكمُ ... وإنْ سَكَتُّ فشغلي عنكمُ بكمُ
وإن مُنحوا الدنيا باعوها كلها بقبلة منه أو شمّة أو ضمّة، ثم لم يأملوا إلا دوامها أو الموت بعدها لئلا يجدوا فقدها! لا يألمون إن قال الناس «مجانين»، ولا يحزنون إن نالهم الأذى، بل ربما سرّهم ما يسوء إن كان فيه رضا المحبوب. ويا ويلهم من العذّال، يا ويل الشَّجِيّ من الخَلِيّ!

اسم الکتاب : صور وخواطر المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست