الدين منه غضاً طرياً، فاستحكمت به قلوبهم، واطمأنت به نفوسهم وثبتوا عليه ثبوت الجبال.
ويكفي في بيان فضلهم أن الله خاطبهم بقوله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} والمعنى: أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم".
من تأمل حال أولئك الأخيار وقرأ سيرهم وعرف محاسنهم، وما كانوا عليه من خلق عظيم، وتعاهد للإيمان، وإقبال على الطاعة، وتنافس في فعل الخير، وشدة تعبدهم لله، وإعراضهم عن الدنيا الفانية، وإقبالهم على الآخرة الباقية، فإن المتأمل سيقف من خلال ذلك على قصور نفسه وضعف همته وعلى قلة زاده وسيكون ذلك شاحذاً لهمته مقوياً لعزيمته داعياً إلى صدق التأسي بهم. ولو لم يحصل من ذلك كله إلا حصول