والهمة: توجه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحق، لحصوله الكمال له أو لغيره) [1].
وقال ابن القيم في "مدارج السالكين":
(و "الهِمَّةِ" فِعْلَة من الهمِّ، وهو مبدأ الإرادة، ولكن خصوها بنهاية الإرادة، فالْهَمُّ مبدؤها، والْهِمَّة نهايتها.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: في بعض الآثار الِإلهية قول الله تعالى: "إني لا أنظر إلى كلام الحكيم، وإنما أنظر إلى همته".
قال: والعامة تقول: قيمة كل امرىءٍ ما يحسن. والخاصة تقول: "قيمة كل امرىءٍ ما يطلب"، يريد: أن قيمة المرء همته ومطلبه.
قال صاحب "المنازل":
"الهمة: ما يملك الانبعاث للمقصود صِرفًا، لا يتمالك صاحبها، ولا يلتفت عنها".
قوله: "يملك الانبعاث للمقصود" أي: يستولي عليه كاستيلاء المالك على المملوك، و "صرفًا" أي: خالصًا صرفًا.
والمراد: أن همة العبد إذا تعلقت بالحق تعالى طلبًا صادقًا خالصًا محضًا، فتلك هي الهمة العالية، التي "لا يتمالك صاحبها" أي: لا يقدر على المهلة، ولا يتمالك صبره، لغلبة سلطانه عليه، وشدة إلزامها إياه بطلب المقصود "ولا يلتفت عنها" إلى ما سوى أحكامها، وصاحب هذه الهمة: سريع وصوله وظفره بمطلوبه، ما لم تعقه العوائق، وتقطعه
(1) "التعريفات" ص (320).