نَدْرَةُ كبيري الِهمَّة فَى الناسِ
وكبيرو الهمة يتسابقون إلى المكارم، لا يكلون، ولا يملون، ولا، يقنطون {وهل يقنط من رحمة ربه إلا الضالون}.
وجد القنوطُ إلى الرجالِ سبيلَه ... وإليك لم يجدِ القنوطُ سبيلا
ولَرُبَّ فردٍ في سُمُوِّ فعاله ... وعُلُوِّه خُلُقًا يعادل جيلا
وهم في الناس كالعملة النادرة، أو كالكبريت الأحمر، يصدق عليهم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تجدون الناس كإبل مائة، لا يجد الرجل فيها راحلة" [1].
وهم في الناس ثلة من الأولين، وقليل من الآخرين:
وقد كانوا إذا عُدُّوا قليلًا فقد صاروا أعَزَ من القليل.
الواحد منهم بأمة، والفرد منهم بألف:
يعد بألفٍ من رجال زمانه ... لكنه في الألمعية واحدُ [1] رواه مسلم وغيره، والراحلة: النجيبة المختارة من الإبل للركوب وغيره، فهي كاملة الأوصاف، فإذا كانت في إبل عُرِفت، والهاء فيها للمبالغة كما يقال: رجل نسَّابة، وفهامة، وسميت راحلة؛ لأنها تُرْحل، أي: يجعل عليها الرحْل، فهي فاعلة بمعنى مفعولة، كعيشةٍ راضية، أي: مرضية، ونظائره.
ومعنى الحديث: أن المرضَّى الأحوال من الناس، الكامل الأوصاف، الحسن المنظر، القوي على الأحمال والأسفار، قليل جدًّا، كقلة الراحلة في الإبل، وانظر: "شرح النووي" (16/ 101).