التَّشجِيِعُ وَأَثَره في النّهُوضِ بِالِهمَّةِ
رفع الإسلام شأن التشجيع إلى حَدِّ أنه جعله فريضة على غير القادر علي إقامة فروض الكفايات مثل الأمر بالعروف والنهي عن المنكر، وطلب العلم، والولاية والِإمامة، وعبارة الفقهاء في مثل هذه الفروض: "أنها واجب على الكفاية، فإن قام بها البعض سقط الوجوب عن الآخرين، وإن لم يقم بها أحد أثموا جميعًا، القادرُ: لأنه قصَّر، وغيرُ القادر: لأنه قصَّر فيما يستطيعه، وهو التفتيش عن القادر وحَمْله على العمل، وحثه وتشجيعه، وإعانته على القيام به، بل إجباره على ذلك" [1].
ولقد تسابق المسلمون في شتى العصور على تشجيع الموهوبين وكبيري الهمة، بكافة صور التشجيع، فكانوا ينفقون الأموال الجزيلة لنفقة النابغين من طلاب العلم، الذين حبسوا أنفسهم على طلبه، كي يغنوهم عن سؤال الناس، أو الاشتغال عن العلم بطلب المعاش.
وهذا الإمام أبو حيان محمد بن يوسف الغرناطي، قال فيه الصفدي: (لم أره قط إلا يسمع أو يكتب أو ينظر في كتاب، ولم أره على غير ذلك، وكان له إقبال على أذكياء الطلبة يعظمهم ويُنَوَّه بقدرهم) [2]. [1] انظر: "الموافقات" للشاطبي (1/ 114).
(2) "الدرر الكامنة" (5/ 70).