العرب والأدب، ثم أخذ في الفقه بعدُ" قال: (وكان سبب أخذه في العلم أنه كان يومًا يسير على دابة له وخلفه كاتب لأبي، فتمثل الشافعي ببيت شعر فقرعه كاتب أبي بسوطه، ثم قال له: "مثلك يذهب بمروءته في مثل هذا؟ أين أنت من الفقه؟ " فهزَّه ذلك، فقصد مجالسة الزَّنْجي مسلم بن خالد، وكان مفتي مكة، ثم قدم علينا فلزم مالك بن أنس).
وعن الشافعي رحمه الله قال: (كنت أنظر في الشعر، فارتقيت عقبة
بمنى فإذا صوت من خلفي: "عليك بالفقه")، وعن الحميدي قال:
(قال الشافعي: خرجت أطلب النحو والأدب فلقيني مسلم بن خالد الزنجي فقال: "يا فتى من أين أنت؟ "، قلت: "من أهل مكة"، قال: "أين منزلك؟ " قلت: "شِعب بالخيف"، قال: "من أي قبيلة أنت؟ " قلت: "من عبد مناف" قال: "بخ بخ لقد شرفك الله في الدنيا والآخرة، ألا جعلتَ فهمَك في هذا الفقه فكان أحسن بك؟! ").
ثم رحل الشافعي من مكة إلى المدينة قاصدًا الأخذ عن أبي عبد الله مالك بن أنس رحمه الله، وفي رحلته مصنف مشهور مسموع، فلما قدم عليه قرأ عليه "الموطأ" حفظًا، فأعجبته قراءته ولازمه، وقال له مالك: "اتق الله، واجتنب المعاصي، فإنه سيكون لك شأن"، وفي رواية أخرى أنه قال له: "إن الله عز وجل قد ألقى على قلبك نورًا فلا تطفه بالمعاصي"، وكان للشافعي رحمه الله حين أتى مالكًا ثلاثَ عشرةَ سنة، ثم وليَ باليمن.
وقد أمره بالِإفتاء شيخه أبو خالد مسلم بن خالد الزنجي إمام أهل مكة ومفتيها، وقال له: "أفت يا أبا عبد الله! فقد -والله- آن لك أن تفتي"، وكان للشافعي إذ ذاك خمسَ عشرةَ سنة، وأقاويل أهل