الأموات"، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الأوزاعي: "أما بعد، فإنه مَن أكثر ذكر الموت، رضي من الدنيا باليسير".
وعن عطاء قال: (كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء، فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة ويبكون).
وكان يقول صالح المري: "إن ذكر الموت إذا فارقنى ساعة فَسَدَّ علَيَّ قلبي"، وقال الدقاق: "من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوجل بثلاثة: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة".
(كما أن مشاهدة المحتَضَرين، وملاحظة سكرات الموت ونزعاته، وتأمل صورة الميت بعد مماته، مما يقطع عن النفوس لذاتها، ويطرد عن القلوب مسراتها، ويمسح الأجفان من النوم، والأبدان من الراحة، ويبعث على العمل، ويزيد في الاجتهاد والتعب.
ذكر عن الحسن البصري أنه دخل على مريض يعوده، فوجده في سكرات الموت، فنظر إلى كربه، وشدة ما نزل به، فرجع إلى أهله بغير اللون الذي خرج به من عندهم، فقالوا له: "الطعام يرحمكم الله"، فقال: "يا أهلاه، عليكم بطعامكم وشرابكم، فوالله رأيت مصرعًا لا أزال أعمل له حتى ألقاه") [1].
وقال اللبيدي: وجدت بعد موت أبي إسحاق الجبنياني رحمه الله رقعة تحت حصيره مكتوبة بخطه: (رجل وقف له هاتف، فقال له:
(1) "التذكرة" للقرطبي ص (12).