وانتبه من رقدة الغفـ ... ـلة، فالعمر قليل
واطَّرِحْ "سوف" و"حتى" ... فهُما داءٌ دخيل
قال رجل لابن سيرين: "إني رأيت في منامي أني أسبح في غير ماء، وأطير بغير جناح! فما تفسير هذه الرؤيا؟ "، فقال له: (أنت رجل كثير الأماني والأحلام".
وما أحسن ما قال "أبو تمام":
من كان مرعى عزمه وهمومه ... روضَ الأماني لم يزِل مهزولا
وعن الحسن قال: (المؤمن من يعلم أن ما قال الله عز وجل كما قال، والمؤمن أحسن الناس عملًا، وأشد الناس خوفًا، لو أنفق جبلًا من مال ما أمن دون أن يُعاين، لا يزداد صلاحًا وبرًّا وعبادة إلا ازداد فَرَقًا، يقول: "لا أنجو، لا أنجو"، والمنافق يقول: "سواد الناس كثير، وسيُغفر لي، ولا بأس عليَّ"، يسيء العمل، ويتمنى على الله تعالى) [2].
وقال "المتنبي" منزهًا نفسه عن الاستغراق في أحلام اليقظة، ومبينًا كيف ألف الحقائق، واعتاد ركوب المخاطر:
= (أن ناسكًا كان له عسل وسمنٌ في جَرَّة، ففكَّر يومًا، فقال: "أبيع الجرة بعشرة دراهم، وأشترى خمسة أعنُزٍ فأولِدُهُنَّ في كل سنة مرتين؛ ويبلغ النَّتاجُ في سنين مائتين، وأبتاع بكل أربعٍ بقرة، وأصيب بَذْرًا فأزرع، ويَنْمِي المالُ في يدى، فأتخذ المساكنَ والعبيدَ والإماءَ والأهلَ، ويُولَدُ لي ابنٌ فأُسَمِّيه كذا، وآخذه بالأدب، فإن هو عصاني ضربتُ بعصاي رأسه"، وكانت في يده عصا، فرفعها حاكيًا للضرب، فأصابت الجرة فانكسرت، وانصبَّ العسلُ والسمن على رأسه) اهـ. من "عيون الأخبار" (3/ 263 - 264):
(2) "الزهد" لابن المبارك ص (188).