والمِراس هنا: التضارب في الحرب، والجلد والقوة في ممارسة القتال، فأين هذا من ذلك العبد الصالح الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "طوبى لعبدٍ آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة، كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقَة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يُشَفَّعْ" [1]، والذي قال - صلى الله عليه وسلم - في وصفه: "رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله كلما سمع بهيعة [2] استوى على متنه، ثم طلب الموت مظانه" الحديث [3].
* ومنها: الفتور، فعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن لكل عمل شِرَّةً، ولكل شِرَّة فترة [4]، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك" [5].
=الشاعر:
إذا أراد الغزوَ لم تُثْنِ عزمَه ... حَصَانٌ عليها نَظْمُ دُرٍّ يزينُها
نَهَتْهُ فلما لم تر النهي عاقه ... بكتْ فبكى مما شجاها قطينُها
ومقصوده من قطينها: وصيفاتها والخدم والأتباع من حولها، بل أين هو من "زهير بن أبي سلمى" القائل:
وليس لمن لم يركب الهَوْلَ بُغْيَةٌ ... وليس لِرَحْلٍ حَطَّه اللهُ حاملُ [1] رواه البخاري. [2] الهيعة: الصوت تفزع منه، وتخافه من عدوٍّ. [3] رواه الإمام أحمد، ومسلم، وابن ماجه. [4] شِرَّة: نشاط وقوة، فترة: ضعف وفتور. [5] رواه الإمام أحمد، وابن أبي عاصم في "السنة"، وابن حبان، والبيهقي في "الشعب"، وصححه الألباني، وانظر: "مرقاة المفاتيح" (5/ 101).