الوراء، ولا يعبأ بالدنيا، ويقول غير وَجِل ولا آسف:
وأراني أسمو بسعيي ووعيي ... عن جزاءٍ من معدن الأرض بخسِ
حسب نفسي من الجزاء شعوري ... أنني في الإله أبذل نفسي
وقال ابن المبارك:
بغض الحياة وخوف الله أخرجني ... وبيع نفس بما ليست له ثمنا
إني وزنت الذي يبقى ليعدله ... ما ليس ييقى فلا والله ما اتزنا
* وعن موسى بن أبي إسحاق الأنصاري: (أن علي بن أسد كان قد قتل، وصنع أمورًا عظامًا، فمر ليلة بالكوفة، فإذا برجل يقرأ من جوف الليل: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله} الآية، فقال علي: "أعِد"، فأعاد، ثم قال: "أعد"، فأعاد، ثم قال: "أعد"، فأعاد، فعمد فاغتسل، ثم غسل ثيابه، فتعبد حتى عمشت عيناه من البكاء، وصارت ركبتاه كركبتي البعر، فغزا البحر، فلقي الروم، فقرنوا مراكبهم بمراكب العدو، قال علي: "لا أطلب الجنة بعد اليوم أبدًا"، فاقتحم بنفسه في سفائنهم، فما زال يضربهم، وينحازوا، ويضربهم، وينحازوا حتى مالوا في شقٍّ واحد، فانكفأت عليهم السفينة، فغرق وعليه درع الحديد) [1].
* ويُروى أن العلاء بن الحضرمي وقف على شاطئ المحيط الأطلسي، وخاض في مياهه بفرسه قائلًا: "والله أيها البحر لو أعلم أن وراءك أرضًا لخضتك، وفتحتها بإذن الله" [2].
(1) "مشارع الأشواق" (1/ 554، 555).
(2) "من أطايب الكلام" (3/ 14).