"أيها المبشر الشاب: نحن لا نعدك بوظيفة أو عمل أو سكن أو فراش وثير، إننا ننذرك بأنك لن تجد في عملك التبشيري إلا التعب والمرض، كل ما نقدمه إليك هو العلم والخبز وفراش خشن في كوخ فقير، أجرك كله ستجده عند الله إذا أدركك الموت، وأنت في طريق المسيح كنت من السعداء").
(وهذه الكلمات حرَّكت كثيرًا من جند الشيطان المبشرين بالنيران، من حملة الشهادات في الطب والجراحة والصيدلة وغيرها من التخصصات للذهاب إلى الصحاري القاحلة التي لا توجد فيها إلا الخيام، والمستنقعات المليئة بالنتن والميكروبات، والمكوث هناك السنين الطوال دون راتب، ودون منصب، ولو أراد أحدهم العمل بمؤهله لربح مئات الآلاف من الدولارات، ولكنه ضحى بكل هذا من أجل الباطل الذي يعتقد صحته) [1] اهـ.
وحكى لي بعض الشباب المسلمين في "ألمانيا" أنه منذ الصباح الباكر ينتشر دعاة فرقة "شهود يهوه" في الشوارع وينطلقون إلى البيوت، ويطرقون الأبواب للدعوة إلى عقيدتهم، وحدثني أحدهم أن فتاة ألمانية منهم طرقت بابه في السادسة صباحًا، فلما علم أن غرضها دعوته إلى عقيدتها، بيَّن لها أنه مسلم، وأنه ليس في حاجة إلى أن يستمع منها، فظلت تجادله وتلح عليه أن يمنحها ولو دقائق "من أجل المسيح"! فلما رأى إصرارها أوصد الباب في وجهها، ولكنها أصرت على تبليغ عقيدتها، ووقفت تخطب أمام الباب المغلق قرابة نصف ساعة تشرح له عقيدتها، وتغريه باعتناق دينها!! فما بالنا معشر المسلمين يجلس الواحد منا شبعان متكئًا على أريكته، إذا طُلِب منه نصرة دين الحق، أو كلف بأبسط المهام، أو عوتب لاستغراقه في اللهو والترفيه، انطلق كالصاروخ
(1) "المصفى من صفات الدعاة" (2/ 174).