قال الصديق أبو بكر رضي الله عنه: "والله ما نمتُ فحلمت، ولا توهَّمتُ فسهوت، وإني لعلى السبيل ما زغتُ"، أي: شغلته حروب الردة والفتوح وإرساء جهاز دولة الخلافة إلى حَدِّ أنه لا يتسنى له أن يستغرق في نومه، ولا يتاح له أن يحلم.
وقالت فاطمة بنت عبد الملك في أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ما أعلم أنه اغتسل من جنابة ولا احتلام منذ استُخلِف".
وقال الِإمام أحمد لابنه في المحنة: "يا بنى! لقد أعطيتُ المجهود من نفسي".
وقال الشيخ محمد الخضر حسين -رحمه الله-:
(كبير الهمة دومًا في عناء، وهو أبدًا في نصب لا ينقضي، وتعب لا يفرغ: لأن من علت همته وكبرت طلب العلوم كلها، ولم تقتصر همته على بعضها، وطلب من كل علم نهايته، وهذا لا يحتمله البدن، ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل، وصيام النهار، والجمع بين ذلك وبين العلم صعب، ثم يرى ترك الدنيا، ويحتاج إلى ما لا بد منه، ويحب الإيثار، ولا يقدر على البخل، ويتقاضاه الكرمُ البذل، وتمنعه عزة النفس من الكسب من وجوه التبذل، فإن هو جرى على طبعه من الكرم احتاج وافتقر، وتأثر بدنه وعائلته، وإن أمسك فطبعه يأبى ذلك، ولكن تعب العالي الهمة راحة في المعنى، وراحة القصير الهمة تعب وشين إن كان ثمة فهم) اهـ. ومصداقه في قول عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر:
أرى نفسي تتوق إلى أمور ... ويقصر دون مبلغهن حالي
فنفسي لا تطاوعني ببخل ... ومالي لا يُبَلِّغُني فعالي
وقيل للربيع بن خثيم: "لو أرحت نفسك؟ "، قال: "راحتَها أريد".