الباب الثاني خصائصُ كبِير الِهمة
يَا عَالي الهمَّة بِقَدر ِمَا تتعَنَّى، تنالُ مَا تتمنى
إن عالي الهمة يجود بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايته، وتحقيق بغيته، لأنه يعلم أن المكارم منوطة بالمكاره، وأن المصالح والخيرات، واللذات والكمالات كلها لا تنال إلا بحظ من المشقة، ولا يُعبر إليها إلا على جسر من التعب:
بَصُرتُ بالراحة الكرى فلم أرها ... تُنال إلا على جسر من التعب
آخر:
فقل لِمُرَجِّي معالي الأمور ... بغير اجتهاد: رجوتَ المحالا
آخر:
لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يُفقر، والإقدامُ قتَّال
آخر:
والذي يركب بحرًا سيرى ... قُحَمَ الأهوالِ من بعِدِ قُحَمْ
آخر:
الذل في دَعَة النفوس ولا أرى ... عِزَّ المعيشة دون أن يُشْقىَ لها
كان أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- يصوم حتي يعود كالخلال -العود الذي يخلل به الأسنان- فقيل له: "لو أجْمَمْتَ نفسك؟ " -أي: