ومبادأة وغدو ورواح وتكلم وزعم، ليس القعود والتمني من الطرق الموصلة، فافقه سيرة سلفك وقلدهم، تصل، وإلَّا، فراوح في مكانك، فإنك لن تبرحه .... ] (1)
ويروي لنا التابعي الكوفي، الفقيه النبيل عامر الشعبي، أن رجالًا (خرجوا من الكوفة، ونزلوا قريبًا يتعبدون، فبلغ ذلك عبد الله بن مسعود، فأتاهم، ففرحوا بمجيئه إليهم، فقال لهم: "ما حملكم على ما صنعتم؟ "، قالوا: "أحببنا أن نخرج من غمار الناس نتعبد"، فقال عبد الله: "لو أن الناس فعلوا مثل ما فعلتم فمن كان يقاتل العدو؟ وما أنا ببارح حتى ترجعوا") [2].
(كان الإمام أحمد إذا بلغه عن شخص صلاح أو زهد، أو قيام بحق، أو اتباع للأمر: سأل عنه، وأحب أن يجرى بينه وبينه معرفة، وأحب أن يعرف أحواله) [3].
لم يكن بالمنعزل المتواري الهارب من الناس، فالداعية يفتش عن الناس، ويبحث عنهم، ويسأل عن أخبارهم، ويرحل للقائهم، ويزورهم في مجالسهم ومنتدياتهم، ومن انتظر مجيء الناس إليه في مسجده أو بيته، فإن الأيام تبقيه وحيدًا، ويتعلم فن التثاؤب [4].
قالوا في التعريف بموسى بن حزام شيخ البخاري والترمذي:
(إنه كان ثقة صالحًا، لكنه كان في أول أمره ينتحل الإرجاء، ثم أعانه الله تعالى بأحمد بن حنبل، فانتحل السنة، وذبَّ عنها، وقمع من خالفها، مع لزوم الدين، حتى مات) [5].
(1) "المنطلق" ص (119 - 120).
(2) "كتاب الزهد" لابن المبارك ص (390).
(3) "مناقب الإمام أحمد" ص (218).
(4) "المنطلق" ص (127).
(5) "تهذيب التهذيب" (10/ 341).