(15) عُلُوّ هِمَّتِهِمْ في طَلَبِ العِلْم ِوَتَعْلِيمه حتَّى آخرِ رَمَقٍ
* روى المُعَافَى بن زكريا عن بعض الثقات، أنه كان بحضرة أبي جعفر الطبري -رحمه الله تعالى- قبل موته، وتُوفي بعد ساعة أو أقل منها، فَذُكِرَ له هذا الدعاء عن جعفر بن محمد، فاستدعى مَحْبَرَةً وصحيفة فكتبه، فقيل له: "أفي هذه الحال؟! " فقال: "ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى الممات".
* وعن فرقد -إمام مسجد البصرة- أنهم دخلوا على سفيان في مرض موته، فحدثه رجل بحديث فأعجبه، وضرب سفيان يده إلى تحت فراشه، فأخرج ألواحًا فكتبه، فقالوا له: "على هذه الحال منك؟! " فقال: "إنه حسن، إن بقيت فقد سمعت حسنًا، وإن مت فقد كتبت حسنًا".
* وعن الفقيه أبي الحسن على بن عيسى الوَلْوَالجيُّ، قال: (دخلت على أبي الريحان -البَيْروني - وهو يجود بنفسِه، قد حَشْرَجَ نَفَسُهُ، وضاق به صدره، فقال لي في تلك الحال: "كيف قلت لي يومًا: حسابَ الجدَّات الفاسدة [1]؟ " فقلت له: إشفاقًا عليه: "أفي هذه الحالة؟ "، قال لي: "يا هذا أودِّع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، ألا يكون خيرًا من أن أُخلِّيها وأنا جاهل بها؟! "، فأعدتُ ذلك عليه، وحفظ، وعلمني ما وعد، وخرجت من عنده وأنا في الطريق، [1] اصطلاح عند علماء الفرائض يراد به الجدة التي تكون مِن قِبل الأم.