(7) حِرصهم على مَجَالِسِ العُلَمَاءِ
إن من رحمه الله تعالى بهذه الأمة أن ألقى في قلوب سلفنا الصالح الشغف بالعلم والحرص على مجالسه ليحفظ بهم دينه، ويكونوا أسوة لمن بعدهم، فمن ثم تبوأوا مناصب الِإمامة في الدين.
فقد كانوا يزدحمون على مجالس العلم حتى قال جعفر بن درستويه: (كنا نأخذ المجلس في مجلس علي بن المديني وقت العصر اليومَ لمجلس غدٍ، فنقعد طول الليل، مخافة أن لا نلحق من الغد موضعًا نسمع فيه، ورأيت شيخًا في المجلس يبول في طيلسانه، ويدرج الطيلسان، حتى فرغ مخافة أن يؤخذ مكانه إن قام للبول".
وقال يحيى بن حسان: (كنا عند سفيان بن عيينة، وهو يحدث، فازدحمت فرقة من الناس على محل شيخٍ ضعيفٍ، فانتهبوه، ودَقُّوا يد الشيخ، فجعل الشيخ يصيح: "سفيانُ لا جعلتك مما عمِلوا بي في حِل"، وسفيانُ لا يسمع، حتى نظر إلى رجل من أولئك الذين صنعوا بالشيخ ما صنعوا، فقال له: "ما يقول الشيخ؟ "، قال: يقول [1]: "زدنا في السماع").
وهشيم -رحمه الله تعالى- كان سبب موته ازدحام طلبة العلم [1] اللائق بحال طلبة العلم الشريف أن يكون ذلك الرجل قد أجابه بقوله: "زدنا في السماع"، دون أن يكون قال: "يقول زدنا" فعسى أن تكون لفظة "يقول" مزيدة في الرواية.