الباب الرابع مجَالاَتُ عُلُوِّ الهِمَّةِ
الفَصْلُ الأَوَل عُلُوُّ هِمَّةِ السَّلَفِ الصَّالِح فِي طَلَبِ العِلْمِ
العلم أشرف ما رغب فيه الراغب، وأفضل ما طلب وجَدَّ فيه الطالب، وأنفع ما كسبه واقتناه الكاسب، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه - لكُميل: "احفظ ما أقول لك: الناس ثلاثة، فعالم رباني، وعالم متعلم على سبيل نجاة، وهمج رَعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال، يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو على العمل، والمال يُنقصه النفقة، ومحبة العالم دين يُدانُ بها باكتساب الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد موته وصنيعه، وصنيعة المال تزول بزوال صاحبه، مات خُزَّان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة".
الحديث عن فضل العلم، وما يناله طالبه من مجد وكرامة حديث لا يكشف عن غامض، ولا يطرق السمع بجديد، ومقصودنا شيء غير هذا، ألا وهو لفت الأنظار إلى "القوة العملية" وهي الوسيلة التي صعدت بعلمائنا، فخدموا الدين، ونشروا العلم.
***