ففيه عتقي"، فقال: "إن كان فيه عتقُكَ، ففيه رِقِّي".
...
وكان الشيخ "سعيد الحلبي" -عالم الشام في عصره- في درسه مادًّا رجليه، فدخل عليه جبَّار الشام "إبراهيم باشا" ابن "محمد علي" صاحب مصر، فلم يتحرك له، ولم يقبض رجليه، ولم يبدل قعدته، فتألم الباشا، ولكنه كتم ألمه، ولما خرج، بعث إليه بصُرَّة فيها ألف ليرة ذهبية، فردَّها الشيخ، وقال للرسول الذي جاءه بها: "قل للباشا: إن الذي يمد رجليه، لا يمد يده".
ومن شرف النفس، ومعرفة قدرها في الصِّغار:
* ما قال زياد بن ظبيان -وهو يجود بنفسه- لابنه عُبيد الله: "ألا أوصي بك الأمير زيادًا؟ "، قال: "يا أبت إذا لم يكن للحي إلا وصيةُ الميِّت؛ فالحيُّ هو الميت"، وقال الشاعر في نحوه:
إذا ما الحيُّ عاش بعظم ميتٍ ... فذاك العظمُ حَيٌّ وهو مَيْتُ
* وقال معاوية لعمرو بن سعيد، وهو صبي: "إلى من أوصى بك أبوك؟ "،
قال: "إن أبي أوصى إلَي، ولم يوص بي"،
قال: "وبم أوصى إليك؟ "،
قال: "ألاَّ يفقد إخوانُه منه إلا وجهَه".
* كان الشيخ "عبد الوهاب الفارسي" -رحمه الله- يسِير يومًا برفقة صديقه الشيخ "محمد الجراح"، فصدمتهما سيارة، فسقطا في حفرة وجُرحا، ولما علما أن السائق كان سكران؛ صفحا عنه، وامتنعا