responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فكر ومباحث المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 151
وأي فرق بين أن تعبر عن الجمال، بصورة، أو تمثال [1]، أو قصيدة من الشعر؟
وأي فرق بين أن تصوِّر مشهد الغروب بالريشة والألوان، أو بالألفاظ والأوزان؟
ينتج عن ذلك أمران: الأول أن الأدب هو الجمال، هو العاطفة، فكل من يتذوق الجمال، ويحس في صدره عاطفة، فهو أديب بالضرورة، أي أن كل إنسان أديب، لأن كل إنسان يسرُّ ويحزن، ويذكر الماضي ويحلم بالمستقبل ويهزه مشهد الجمال في الطبيعة وفي الإنسان.
وهذه النتيجة تنفعنا جداً من الناحية التعليمية، لأننا نستطيع أن نجعل كل طالب، منصرفاً إلى الأدب، مهتماً به، يحبُّه ويميل إليه، إذا درَّسناه الأدب من هذه الناحية، وعقدنا الصلات بينه وبين نفسه. ولقد جربت ذلك بالفعل في الصفوف العلمية التي أدرِّس فيها، فكان الطلاب معرضين عن الأدب كل الإعراض فما زلت بهم، أقرأ عليهم أجمل الآثار الأدبية، وأهز في نفوسهم حسَّ الجمال، ومثوى العاطفة، حتى غدوا وهم منصرفون إلى الأدب، يدرسونه، وينشؤون فيه.
والنتيجة الثانية: أن الأدب ما زال يقوم على الجمال، لا يعرف الحقيقة، وليس عنده قوانين ثابتة كالقوانين العلمية، لأن فكرة الجمال نسبية، لا تتم قانوناً، ولا تسير على قاعدة، فمن الناس من يرى جمال الطبيعة في الجبال، ومنهم من يراه في السهول والأنهار، ومن الناس من يرى الجمال في المرأة في سواد عينيها وسمرتها، ومنهم من يراه في شقرتها وزرقة عينيها، فأنت لا تستطيع أن ترغم هذا أو ذاك على العدول عن رأيه في الجمال، كذلك لا تستطيع أن تجبر التلميذ على اتِّباع رأيك في قصيدة من الشعر، أو قطعة من النثر. وهذه النتيجة تنفعنا من الناحية التعليمية، إذا تعلمنا أن نبتعد على قدر الإمكان عن تطبيق

[1] والتماثيل محرمة في الإسلام.
اسم الکتاب : فكر ومباحث المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست