responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فكر ومباحث المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 143
(Idéalisme) ويكون واقعياً (Réalisme) وما هي الفوارق بين المذهبين، والأمثلة عليهما من آثار الكتَّاب البارعين، إلى آخر ما هنالك ثم يعطيه موضوعاً هيِّناً ويشرح له عناصره، ويقرأ له أمثلة عليه من القطع الفنيَّة. فإذا كتبه التلميذ قرأه هو بنفسه على المعلم على مسمع من إخوانه الذين ينقدونه ويناقشونه ثم يبين الأستاذ حكمه في الوظيفة ويقدِّم نصائحه للتلميذ، ولست أعني النصائح اللغوية والنحوية وحدها، بل الفكرية والفنية أيضاً.
...
ومن الخطأ بعد هذا كله أن يعتقد امرؤ أن الكتابة شيء يكون بالتعليم فهي شيء فطري في الإنسان والكاتب كما قالوا يولد كاتباً، كما يولد الإنسان ذا صوت جميل، أوجسم قوي [1]، ولكن الصوت الجميل يبقى ناقصاً إذا لم يدرس صاحبه الموسيقى؛ والجسم القوي لا يستكمل قوته؛ ما لم يربِّه صاحبه التربية البدنية، والملَكَةُ الكتابية لا تكمل ولا تنتج الآثار البارعة ما لم تنضجها الدراسة الأدبية العميقة، وخير سبيل لإنماء هذه الملكة عند الطلاب هو أن يقرؤوا كتب الأدب القديمة ليتعلَّموا منها الأسلوب العربي ثم يقرؤوا لأهل البيان من كتَّاب العصر ثم يقرؤوا روائع الأدب الغربي لتعينهم على إتقان الأسلوب الفني.
فإذا قعد بعد ذلك ليكتب، فلا بد له من أن يمرَّ على المراحل الآتية:
1 - عملية الجمع:
وأعني بها جمع الأفكار والصور، يجمعها من مشاهداته في الحياة ومطالعاته في الكتب، وتنتهي هذه العملية حينما يشعر الكاتب أن هذه الأفكار قد أصبحت واضحة في ذهنه يستعرضها بسهولة ويستطيع الإحاطة بها.
2 - عملية الاصطفاء:
فإذا انتهت هذه العملية شرع باصطفاء الصور والحالات التي توافقه وتلذُّه؛ ونبذ الباقي فإذا بقيت هذه الصور وحدها واضحة في ذهنه، انتقل إلى العملية الثالثة وأمسك حينئذ بالقلم فبدأ.

[1] في هذا مبالغة ولكن له أصلاً.
اسم الکتاب : فكر ومباحث المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 143
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست