responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في سبيل الإصلاح المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 41
أولسنا نرى أغبياء جهلاء يلبسون ثياب العلماء الأذكياء، وأدنياء يزهون بحلل الأعلياء، وأعداء يرتدون أردية الأصدقاء؟.
فلماذا نفرد هذا القتيل المسكين بالملامة، ونخصه بالنقد؟
...
وهل كل من حمل شارب الرجل، ولبس لباسه، كان رجلاً؟ لو كان هؤلاء كلهم رجالاً فهل كان يمكن أن تبقى بلاد العرب إلى اليوم مجزأة مقطعة، تفصل بينها حدود، يطؤها الأجنبي ويتحكم فيها، ويستغلها ويستعبد أبناءها؟ إن الرجال حقاً هم الأربعون الذين كانوا مستخفين في دار الأرقم في أصل الصفا، فلم تمر عليهم ثلاثون سنة حتى فتحوا نصف الدنيا، لا هؤلاء (الخمسمائة مليون) [1] الذين ناموا منذ ثلاثمائة سنة حتى تجرأت عليهم نصف شعوب الدنيا؟ لسكان هؤلاء رجالاً حقاً واجتمعوا على الأسطول الإنكليزي لحملوه حملاً على أكتافهم، ولو نفخوا كلهم نفخة واحدة لطيّروا الجيش الإنكليزي المرابط عند القناة [2].
ولكنه أشباه الرجال؛ ولبسهم لباس الرجال لا يقل عجباً وغرابة، عن لبس هذا القتيل لباس النساء
...
ولماذا ننكر عليه أن يكون رئيس لجنة السيدات الـ (حزبيات) ولا ننكر على السيدات أن يؤلفن هذه اللجنة؟ وما للسيدات وأعمال الأحزاب؟ إنه إن دخل فيها فهذا عمله، وهذا مكانه، ليس هو الطارئ عليه الواغل فيه، ولكن السيدات المحترمات! فهن أولى بالإنكار، وأحق بالمنع، لا احتقاراً لهن وزراية عليهن بل إكراماً لهن، وترفعاً بهن أن ينزلن إلى هذه المنزلة، وينحططن إلى هذه الدركة، وهل جنى الرجال من الحزبيات في بلادنا خيراً حتى يجنيه منها للنساء؟ هل رأينا فيها إلا التفرقة والانقسام، واستغلال نفر منا إخلاص المخلصين، واندفاع المندفعين، وطمع الطامعين، للوصول إلى كراسي الحكم، والتمتع

[1] صاروا اليوم الف مليون.
[2] وقد أخرجهم الله الآن و {مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ}.
اسم الکتاب : في سبيل الإصلاح المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست