responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 196
والظفر والملك الواسع الذي يظلل ثلاثة أرباع البلاد الإسلامية، وإذا اسم عبد الملك ضاوٍ هزيل، فما زال هذا يضخم ويعظم، وما فتئ ذاك يهزُل ويَضْؤُل، حتى انتزع عبد الملك الذي كان قابعاً في زاوية قصره في الشام ينتظر أن يغلبه عليه ابن الزبير، انتزع العراقين والحجاز، ونازل عبد الله في قرارة داره ودارة ملكه. أليس هذا دليلاً قاطعاً على أن ابن مروان أحق بالخلافة من ابن الزبير وأقدر عليها وأولى بها؟
وأفلتت منه نظرة فوقعت على الكعبة، فأعادت صورتها الرهبة إلى صدره وأحس بوجل شديد، فذكر تهيبه الإقبال عليها، إذ كانت مثابة الأمن ودار السلام منذ الزمان الذي يضيع أوله في طفولة البشرية، وذكر كيف فزع جنده وأحجموا فشد من عزائمهم وهوّن الأمر عليهم، وكيف عبست السماء وبسرت - حين شرعوا بتسديد الرماية إلى صدر الكعبة - وألقت برجومها وصواعقها، فقتلت منهم مقتلة، فارتدوا وامتنعوا وظنوا أن الله مهلكهم كما أهلك الأمم من قبلهم، فانصدعت قلوبهم وطارت نفوسهم شعاعاً، فقام فيهم يطمئنهم ويهدّيهم: "أنا ابن تهامة، وهذه صواعقها" [1]، فلا تخافوا ولا تراعوا. سنة الله التي لا تبديل لها وقوانينه في كونه لا تغيرها أمور البشر ولا تبدلها حوادث الأرض، وما قيمة جند الشام حتى يدع الفلك من أجلهم سيره وتخرج الطبيعة عن سننها وتخالف طريقها؟
وانطلق يحدثهم حديث رسول الله ومعلم العالم، حين

[1] هذه الجملة من التاريخ.
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست